وجوب كفارة محظورات الإحرام

بدايةً ينبغي التّنبه إلى أنّ محظورات الإحرام تنقسم من حيث وجوب الفديّة وعدم وجوبها، ونوعها ومقدارها، إلى عدّة أقسام؛ يحمل كل منها حكمه الخاص، والتي يمكن بيانها على النحو الآتي:[١]

  • ما لا تجب فيه الفدية؛ وهذا في حال عقد النكاح للمُحرم في أثناء الإحرام.
  • ما تجب فيه الفديّة المغلّظة؛ وهذا في الجماع قبل التحلل الأول في الحج.
  • ما تجب فيه الفديّة بالجزاء أو البدل؛ كما في قتل الصيد.
  • ما تجب فيه فدية الأذى أو الترفّه؛ وهذا في حال إتيان بقية المحظورات.


مقدار كفارة محظورات الإحرام

أمّا عن مقدار الفدية وكفارة إتيان المحظورات، وكيفيّة ترتيبها، ومكان إخراجها؛ فيمكن تلخيصه بما يأتي:[٢]


ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام

الفدية في إزالة الشعر، أو قصّ الأظافر، وتغطية الرأس للرجل ولبس المخيط، وانتقاب المرأة ولبسها القفازين، واستعمال الطيب؛ تكون بذبح شاة لا يأكل منها؛ إنّما يوزعها على الفقراء، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين صاع من غالب طعام أهل البلد، أو صيام ثلاثة أيام؛ فهذه الكفارة يختار المسلم منها ما شاء؛ لقوله -تعالى-: (... فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ...).[٣][٤]


ولقوله -صلى الله عليه وسلم- لكعب بن عجرة -رضي الله عنه- لمّا أصابه القمل وهو مُحرم: (... ما كُنْتُ أُرَى أنَّ الجَهْدَ قدْ بَلَغَ بكَ هذا، أمَا تَجِدُ شَاةً؟ قُلتُ: لَا، قالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، أوْ أطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِن طَعَامٍ، واحْلِقْ رَأْسَكَ...).[٥][٤]


وقد قاس العلماء بقيّة المحظورات المذكورة آنفاً على حلق الرأس، فتكون الفدية ذاتها في إتيان أحد هذه المحظورات، ويلحق بذلك من باشر زوجه بشهوة دون وطء أو إنزال؛ فنُسكه صحيح ولكن عليه التوبة، والتخيّر بين الأمور الثلاثة من الذبح أو الإطعام أو الصيام.


فساد الحج ووجوب قضائه مع إخراج بدنة

ذهب أهل العلم إلى القول بأنّ الجماع -الوطء- الذي يوجب الغسل، والذي يكون بالحجّ قبل التحلل الأول يُفسده، ويجب على فاعله إتمام هذا الحجّ الفاسد، ومن ثم قضائه في الأعوام الأخرى دون تأخير، وإخراج بدنة -الناقة من الإبل-، يوزعها على فقراء الحرم، وبهذا أفتى جمعٌ من الصحابة، بالإضافة إلى أنّ فاعل ذلك يعدّ آثماً وجب عليه الاستغفار والتوبة، لإتيانه ما نهى الله -تعالى- عنه في الحجّ، وهو الرفث.[٦]


وتجدر الإشارة إلى أنّ المرأة المطاوعة لزوجها تلزمها أيضاً بدنة بحسب ما أفتى به بعض أهل العلم، فإن عجز الزوجان أو أحدهما عن إخراج البدنة؛ وجب عليهما الصوم عشرة أيام؛ ثلاثة بالحجّ، وسبعة إذا رجعوا منه، مع ما ذكرنا سابقاً من الإتمام والقضاء والتوبة؛ فإن كان الجماع بعد التحلل الأول لا يفسد الحجّ، وعلى فاعله إخراج شاةً يوزعها على فقراء الحرم.[٦]


التخيّير بين ثلاثة أمور

أفتى أهل العلم بأنّ المسلم الذي يقتل الصيد عامداً عالماً بحرمته؛ متذكراً لذلك فإنه يُخير بين ذبح المثل إن كان له مثل -كالأغنام والأبقار ونحوها-، أو ينظر كم يساوي قيمة المثل، ويُخرجها للفقراء في الحرم طعاماً، أو أن يصوم عن طعام كل مسكين يوماً؛ وذلك لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ...).[٧][٨]


وإن لم يكن للصيد مثل -كالعصافير والحمام والجراد ونحوه- فإنّه يُخيّر بين شيئين؛ إخراج القيمة طعاماً أو الصيام كما أشرنا.[٨]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 123، جزء 2. بتصرّف.
  2. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 281-291. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:196
  4. ^ أ ب عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 41-42، جزء 4. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:4517، صحيح.
  6. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 665. بتصرّف.
  7. سورة المائدة ، آية:95
  8. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 117، جزء 5. بتصرّف.