حكم الحج
يعدّ الحج ركناً من أركان الإسلام الخمسة؛ الذي يجب على كل مسلم بالغ، عاقل، حر، بالغ، قادر، مرةً في العمر؛ وذلك للأدلة الآتية:[١]
- قوله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ...).[٢][٣]
- قوله -تعالى-: (... وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).[٤]
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ).[٥]
- ما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-، فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ).[٦]
وجوب الحج على الفور أم التراخي؟
تعددت آراء العلماء في وجوب الحجّ على من تحققت به شروط الاستطاعة؛ أيكون الحجّ واجباً بحقّه على الفور أم على التراخي؛ فذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة -في المعتمد عندهم- إلى أنّ الحجّ يجب على الفور؛ ومن تحقق فيه فرض الحج، واستكمل شروطه فأخره فإنه يكون آثماً؛ فإذا تدارك ذلك، وأدّاه ارتفع عنه الإثم، وكان فعله أداءً لا قضاءً.[٧]
وذهب الشافعيّة إلى أنّ وجوب الحجّ يكون على التراخي؛ ولا يأثم المستطيع على تأخيره للحجّ، بشرط أن يكون عازماً عاقداً النيّة على أدائه، فإذا خشي العجز أو هلاك المال، أو المرض، أو نحو ذلك من الموانع؛ حُرّم عليه التأخير.[٧]
ولقد رجّح جمعٌ من أهل العلم ما ذهب إليه الجمهور من وجوب الحجّ على الفور؛ واستدلوا على ذلك بالأدلة التي أشرنا إليها في وجوب الحجّ، والتي يُستدل منها على أنّ أمر الوجوب يكون فوراً، بالإضافة إلى استدلالهم بعدد من النصوص الشرعيّة الأخرى، نذكر منها:[٧]
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ-؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ)؛[٨] وهذا الحديث يُؤكد على أنّ الحجّ ينبغي أداؤه حال الاستطاعة على الفور، فقد يكون الإنسان عند وجوبه قادراً، ولكنّه لا يضمن بقاء ذلك مستقبلاً؛ فيصير عاجزاً عن الأداء.
- قوله -تعالى-: (... فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ...)؛[٩] وفي هذه الآية الكريمة حثّ على المسارعة والمسابقة إلى الخيرات، ويعدّ الحج من أعظم الخيرات التي يتقرب بها إلى الله -سبحانه-، والتأخير في أدائه خلاف ما أمر الله -تعالى- به.
الحكمة من وجوب الحج مرة واحدة في العمر
لمّا كان الحجّ فرضاً يُؤتى إليه من كل الأقطار، ومن كل فجٍ عميق -كما وصفه الله تعالى في القرآن الكريم-، مع احتياجه إلى المؤنة، وحصول كبير المشقة والتعب؛ خفف الله -تعالى- على عباده في وجوب الحجّ؛ بأن جعله مرة واحدة في العمر، ومرة واحدة في العام،[١٠] ومن زاد على ذلك فإنّه يكون تطوعاً، له من الأجر كأجر الفريضة بفضل من الله وكرمه.[١١]
ولقد ناسب هذا الاجتماع الكبير العظيم مرةً في السنة مع اجتماع المسلمين في كل يوم خمس مرات لأداء الصلوات الفريضة، واجتماعهم كل أسبوع لأداء صلاة الجمعة؛ لما في ذلك كلّه من مصالح وفضائل، وحكم إلهيّة تعود على المسلمين بالنفع والخير؛ جراء تشريع هذا العبادات الجماعيّة.[١١]
المراجع
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 218، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:196
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 171، جزء 1.
- ↑ سورة آل عمران، آية:97
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1337، صحيح.
- ^ أ ب ت عبد الله الطيار، وبل الغمامة في شرح عمدة الفقه لابن قدامة، صفحة 26-27، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:2867، حسنه الألباني.
- ↑ سورة البقرة، آية:148
- ↑ صالح الفوزان ، شرح ثلاثة الأصول، صفحة 195. بتصرّف.
- ^ أ ب عبد الرحمن المعلمي اليماني، صيام ستة أيام من شوال ضمن آثار المعلمي، صفحة 273. بتصرّف.