حكم رسم الحواجب بالكحل في العمرة

أفتى أهل العلم أنّ استعمال مساحيق التجميل لرسم الحاجبين كالحناء أو الكحل ليس من محظورات الإحرام في حقّ المرأة، ولكنّه مكروه على اعتبار أنّه من الزينة الظاهرة التي تكره للمحرمة خشية الفتنة،[١] وقد نقل النووي اتفاق العلماء على جواز اكتحال المُحرم بكحل لا طيب فيه إذا احتاج إليه، ولا فدية عليه في ذلك.[٢]


واستدلّ أصحاب هذا الرأي بما جاء في السنن عن شميسة أنّها قالت: (اشْتَكَتْ عَيْنِي وَأَنَا مُحَرَّمَةٌ، فَسَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْكُحْلِ، فَقَالَتْ: اكْتَحِلِي بِأِيِّ كُحْلٍ شِئْتِ غَيْرَ الْإِثْمَدِ، أَوْ قَالَتْ: غَيْرَ كُلِّ كُحْلٍ أَسْوَدَ، أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَلَكِنَّهُ زِينَةٌ وَنَحْنُ نَكْرَهُهُ، وَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ كَحَّلْتُكِ بِصَبِرٍ فَأَبَيْتُ)،[٣] وبما صحّ عن نافع مولى ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّ ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ بِأَيِّ كُحْلٍ شَاءَ، مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ).[٤][٢]


وأشار بعض أهل العلم أنّ الأحوط أن لا يكون استعمال الكحل في الإحرام إلا لحاجة من وجع أو نحوه؛ لما ثبت في الآثار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه أشعر بكراهته، إذ ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّه قال: (... وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ ببُدْنِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فأنْكَرَ ذلكَ عَلَيْهَا، فَقالَتْ: إنَّ أَبِي أَمَرَنِي بهذا...).[٥][٢]


نتف الحواجب في العمرة

بدايةً يجب التأكيد على أنّ نتف الحاجبين يدخل في معنى النمص المحرّم الذي يترتب عليه اللعن والطرد من رحمة الله -تعالى-، فهو بهذا كبيرة من الكبائر التي ثبت فيها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ...).[٦][٧]


وليس المقام هنا مقام توسعٍ في حكم نمص الحاجبين -على حرمته-؛ إلا أنّ إزالة شعر الحاجبين يندرج تحت مسألة إزالة الشعر للمُحرم، إذ يعدّ ذلك من محظورات الإحرام بإجماع الفقهاء، ويمكن تلخيص الأحكام المتعلقة بهذا المسألة على النحو الآتي:[٨]

  • لا يختصّ التحريم بالحلق أو بشعر الرأس فقط؛ فلا يجوز الأخذ من شعر الإبط ولا شعر الرأس ولا العانة، ولا شعر البدن، كما لا يجوز الحلق ولا النتف ولا القصّ ولا نحو ذلك من أساليب الإزالة.
  • هنالك فرق بين التعمّد وغير التعمّد في إزالة الشعر، فالذي يتعمّد إزالة شعره من غير حاجة آثم وتلزمه الفديّة، أمّا الذي لا يتعمّد ذلك، أو فعله ناسياً أو جاهلاً فقد رجّح بعض أهل العلم عدم لزومه للفديّة.
  • يتوجب الحذر من تمشيط الشعر لمن كان شعره طويلاً.
  • يتوجب الحذر من الحك العنيف الذي يترتب عليه إسقاط الشعر.


ولقد فصّل بعض أهل العلم في الشعر الساقط إن كان ميتاً أو شعراً نابتاً، كما فصّلوا في مقدار الفديّة الواجبة بذلك؛ فمنهم من ذهب في تقدير الفديّة بمقدار الشعر الساقط، ومنهم من حكم بالعموم، ويمكن الاطلاع عليها ومراجعتها من كتاب "المغني".[٩]

المراجع

  1. "رسم الحواجب والكحل للمحرمة"، إسلام ويب، 3/4/2016، اطّلع عليه بتاريخ 18/7/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 217، جزء 2. بتصرّف.
  3. رواه البيهقي، في السنن الكبرى، عن شميسة، الصفحة أو الرقم:9131، شميسة هذه لم توثق إلا أنها صاحبة القصة.
  4. رواه ابن أبي شيبة، في المصنف ، عن نافع مولى ابن عمر، الصفحة أو الرقم:14853، إسناده صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2125، صحيح.
  7. محمد حسن عبد الغفار، مخالفات تقع فيها بعض النساء، صفحة 8-9، جزء 2. بتصرّف.
  8. أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 3، جزء 12. بتصرّف.
  9. ابن قدامة، المغني، صفحة 387، جزء 5. بتصرّف.