هل يلزم الطواف عند دخول الحرم؟

تعددت أقوال أهل العلم في هذه المسألة حسب حال الداخل إلى البيت الحرام؛ أهو محرّم لأداء المناسك من الحج والعمرة، أو أنّه داخل لصلاة أو حلقة علم أو نحوها من الأسباب من غير أن يكون محرماً، أو أن يكون قاصداً الطواف، أو غير قاصدٍ له، ويمكن تلخيص أقوالهم على النحو الآتي:


أن يكون الداخل قاصداً الطواف

ذهب أهل العلم إلى أنّ الداخل إلى البيت الحرام الذي يقصد الطواف؛ فإنّ تحية البيت بالنسبة له تكون بالطواف؛ فإن كان مُحرماً للحجّ -مفرداً أو قارناً- كان عليه البدء بطواف القدوم، أو البدء بطواف الإفاضة إن كان راجعاً من عرفة، وإن كان مُحرماً بالعمرة بدأ بطواف العمرة.[١]


وإن كان غير محرمٍ لأداء النُسُك إلا أنّه قصد ونوى الطواف تطوعاً، كان عليه البداء بالطواف؛ ولا يُطلب في حقّ هذا الداخل الذي يقصد الطواف -على اختلاف أحواله- أداء ركعتين تحية للمسجد، إذ إنّ التحيّة للبيت الحرام تمّت بالطواف.[١]


واستثنى بعض أهل العلم مما سبق: من منعه الزحام الشديد من بدء الطواف، فيجوز له أداء ركعتي تحيّة المسجد، ثم الانتظار حتى ينتهي الزحام للبدء بالطواف.[٢]


أن يكون الداخل غير قاصدٍ للطواف

إذا دخل المسلم إلى البيت الحرام للصلاة، أو لزيارة البيت الحرام، أو مشاهدته، أو تلقي العلم فيه، أو نحوها من الأسباب؛ بحيث لا يقصد بدخوله الطواف حول الكعبة؛ فإنّ تحيّة البيت الحرام بالنسبة له تكون بصلاة ركعتين نافلة في وقتٍ يجوز به أداء النافلة، وإلا جلس دون أداء التحيّة، كما قد يُفعل في غيره من المساجد.[١]


تحيّة المسجد الحرام الطواف

اعترض بعض أهل العلم على القول بأنّ تحيّة المسجد الحرام هي الطواف؛ وذلك للأسباب الآتية:[٣]

  • إنّ هذا القول لم يصحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو من الأحاديث التي لا أصل لها كما قال بذلك ابن حجر والسخاويّ، والقاريّ.


  • إنّ القادم لبيت الله الحرام بقصد الطواف، تقع منه التحيّة للمسجد الحرام ضمناً؛ بحيث يبدأ العبادة بعبادة -وهي الطواف-، ثم يُصلّي ركعتين بعد طوافه، فكان الطواف -سواء أكان فرضاً أم تطوعاً- يحصل به العبادة والتحيّة؛ وهو المقصود.


  • إنّ القول بلزوم الطواف تحيّةً للمسجد الحرام فيه حرجٌ كبير على الناس، وهذا مما لا ترضاه ولا تقبل به الشريعة الإسلاميّة؛ فإذا كان الداخل يُكرر دخوله للمسجد الحرام، ويلزمه قبل جلوسه الطواف سبعاً، فإنّ هذا مما يترتب عليه كبير المشقة، لا سيما في أوقات ازدحام البيت، ومواسم الطاعات التي يتكرر فيها زيارة المسجد الحرام.


ويجب التنويه إلى أنّ بعض الناس توهّموا بهذه العبارة أن تحيّة المسجد الحرام قد سقطت، وهذا لا يصحّ؛ لما بيّناه في أحوال الداخل أو القادم إلى البيت الحرام، أمّا المُقيم أو الذي لا يقصد الطواف فالبيت الحرام يكون كغيره من المساجد، يُبدأ عند دخوله بركعتي النافلة تحيّةً له.[٤]


إضافةً إلى أنّ الاشتغال بالصلاة -كتحيّة للمسجد- متحققٌ مع الطواف -لمن بدأ بالطواف-، بحيث يطوف الداخل أو القادم أولاً، ثم يُؤدي ركعتي الطواف، وبهذا تحقق أداء الطواف والصلاة.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت الحطاب، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، صفحة 69، جزء 2. بتصرّف.
  2. "تحية المسجد الحرام"، الإسلام سؤال وجواب، 27/9/2007، اطّلع عليه بتاريخ 9/7/2023. بتصرّف.
  3. عادل بن سعد ، الجامع لأحكام الصلاة، صفحة 75-76. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مشهور آل سلمان، القول المبين في أخطاء المصلين، صفحة 448. بتصرّف.