سبب تسمية يوم التروية بهذا الاسم

يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجّة،[١] وقد ورد في سبب تسميته عدّة أقوال، وهي:[٢]

  • قيل: لأنّ الناس كانوا يحملون معهم الماء ويتروّون به بسبب قلة الماء في مِنى.[٣]
  • قيل: لأنّ الناس كانوا يروون فيه إبلهم الماء، فلم يكن في مِنى آبار أو عيون.
  • سُمّي يوم التروية أيضاً بيوم النّقلة؛ لانتقال الحجّاج فيه إلى مِنى.[٤]


وتجدر الإشارة إلى أنّه ورد في سبب تسمية يوم التروية أقوالاً أخرى، ولكنّها شاذّة ولا تصح، مثل: أنّ آدم -عليه السلام- رأى في هذا اليوم حواء واجتمع بها، وأنّ إبراهيم -عليه السلام- رأى رؤيا ذبح ابنه، فصار يتروّى ويفكّر أهي حلم أم رؤيا؟ وأن جبريل -عليه السلام- أرى النبيّ إبراهيم فيها مناسك الحج، ولكنّ هذه الأقوال كلّها لم تثبت.[٥]


أعمال الحاج في يوم التروية

يُحرِم الحاجّ المتمتّع في يوم التروية بالحج، ويُسن أن يغتسل قبل ذلك، ويقول عند الإحرام بالحج: "لبّيك اللهم حجَّاً"، ويُحرم كلّ حاجٍ من مكانه سواء في مِنى أو مكة، أمّا المفرد أو القارن فيبقون على إحرامهم، ثمّ يخرج الحجاج في هذا اليوم إلى مِنى قبل الزوال، ويُسنّ لهم أن يصلّوا مع الإمام جميع الصلوات قصراً بدون جمع، أمّا إذا لم يتيسّر للحاجّ ذلك فيصلّي جماعة في مكانه بِمِنى.[٦]


وفي هذا اليوم يُكثر الحجاج من التلبية، ويبيتون ليلة التاسع في مِنى، ويحافظون على جوارحهم من ارتكاب المعاصي والآثام، ويُصلّون التهجّد والوتر، ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدّث عن بعض أعمال النبيّ الكريم وأصحابه في هذا اليوم المبارك ما يأتي:[٦]

  • عن عبد العزيز بن رفيع قال: (سَأَلْتُ أنَسَ بنَ مَالِكٍ: أخْبِرْنِي بشيءٍ، عَقَلْتَهُ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَومَ التَّرْوِيَةِ؟ قالَ: بمِنًى، قُلتُ: فأيْنَ صَلَّى العَصْرَ يَومَ النَّفْرِ؟ قالَ: بالأبْطَحِ افْعَلْ كما يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ).[٧]
  • عن حارثة بن وهب الخزاعي -رضي الله عنه- قال: (صَلَّى بنَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ أكْثَرُ ما كُنَّا قَطُّ وآمَنُهُ بمِنًى رَكْعَتَيْنِ).[٨]


فضل يوم التروية

يوم التروية هو أحد أيام العشر من ذي الحجّة التي يُضاعف فيها الأجر والثواب، بل ويكون أعظم من أجر الجهاد، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن أيَّامٍ العمَلُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللَّهِ مِن هذهِ الأيَّامِ العَشر فقالوا يا رسولَ اللَّهِ ولا الجِهادُ في سبيلِ الله؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ).[٩]


أمّا ما ورد وما يتناقله بعض الناس بأنّ صيام يوم التروية يكفّر السنة الماضية عن المسلم فهذا لم يثبت في نصٍّ صحيح، وقد رُوي في حديث: (صومُ يومِ الترويةِ كفارةُ سنةٍ)، ولكنّ المحدّثين ضعّفوا هذا الحديث، وبعضهم أطلق عليه حكم الوَضع.

المراجع

  1. محمد الخضر الشنقيطي، كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري، صفحة 308، جزء 13.
  2. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 336، جزء 69. بتصرّف.
  3. ابن فرحون، برهان الدين، إرشاد السالك إلى أفعال المناسك، صفحة 648، جزء 2. بتصرّف.
  4. محمد محيي الدين حمادة، الركن الخامس، صفحة 295. بتصرّف.
  5. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 337، جزء 69. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 335، جزء 3. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1763، صحيح.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن حارثة بن وهب الخزاعي، الصفحة أو الرقم:1656، صحيح.
  9. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:757، صححه الألباني.