ما حكم لبس الشبشب في الإحرام؟

يُحرم على المُحرم بالحجّ أو بالعمرة أن يلبس ما يستر الكعبين في أثناء إحرامه؛ كالخفاف أو الأحذية الرياضية العالية أو نحوها؛ مما يستر القدم إلى الكعبين -العظمتين البارزتين عند مفصل الساق والقدم-[١]، ولا حرج في لبس ما كان أسفل الكعبين؛ كالنعال والصنادل؛ والأصل في ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا البَرَانِسَ، إلَّا أنْ يَكونَ أحَدٌ ليسَتْ له نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ...).[٢][٣]


وأضاف بعض أهل العلم عدم جواز لبس المُحرم لما يغطي غالب قدميه من الأحذية كالبلغة، وهي أحذية اشتهرت بها بلاد المغرب، تكون مغلقة من الأمام، ومكشوفة من الخلف؛[٤] وإن لبس ذلك، فواجب عليه كشف أصابعه، وبناءً عليه يجوز لبس الشبشب الذي يكشف الكعبين والأصابع، فإن كان مغايراً لهذه الضوابط، فإنّ لبسه لا يجوز؛ لأنّ مقصود الشرع من النهي الوارد في الحديث الشريف هو إظهار القدمين وعدم سترهما، وعلى هذا رأي جماهير أهل العلم.[٣]


ويمكن التفريق بين الخفّ والنعل؛ أيّ بين ما يجوز وما لا يجوز لبسه في القدم عند الإحرام زيادةً في التوضيح والتقريب؛ بقول: إنّ أصل النعل -أو ما يجوز لبسه في الإحرام- ما كان قدره أسفل القدم، ويكون معه ظاهر القدم مكشوفاً دون ستر؛ والغالب في هذا النوع قد انتشرت صناعته من البلاستيك -مثل ما يُسمّى عند كثير من الناس بالزنّوبة-، وأمّا ما غطى القدم، وارتفعت ساقه على طول ساق الرجل، أو ما وصل إلى الكعبين فهذا وصف الخفّ، أو وصف ما يُمنع لبسه في الإحرام عموماً.[٥]


قطع الأحذية التي تغطي الكعبين

القول باشتراط القطع

ينبغي التنبيه على أمر هام يتعلّق بلبس الخفاف ونحوها من الأحذية التي تغطي الكعبين؛ فقد رأى بعض أهل العلم أنّ المُحرم إذا لم يجد نعالاً يرتديها في إحرامه جاز له قطع الجزء الذي يغطي الكعبين؛ أخذاً بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي أشرنا إليه؛ لأنّ القطع يُغيّر من أصل هذه الأحذية، فلا تُسمى بعدها خفافاً أو نحو ذلك؛ قياساً على قطع السراويل لتصير إزاراً، وقطع القمصان لتصير رداءً؛ فلا تُسمى بعد الفتق سراويل أو قمصاناً.[٦]


القول بنسخ حكم القطع

رأى آخرون من أهل العلم أنّ قطع الخفاف أو الأحذية التي تغطي الكعبين، وتستر القدمين منسوخاً؛ وذلك استدلالاً بحديث ابن عباس -رضي الله عنه-، إذ لم يذكر به القطع؛ ففي هذا الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم-: (مَن لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، وَمَن لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ)؛[٧]وقد نقل ابن عباس -رضي الله عنه- هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في عرفة، بينما كان حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في المدينة قبل الإحرام والشروع بالنُسُك.[٨]


أيّ أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن وفصّل لمن حضر معه مناسك الحجّ، بما يُرخّص لهم في الإحرام؛ لذا قال هذا الفريق من أهل العلم بجواز لبس الأحذية التي تغطي الكعبين دون قطعهما، أخذاً بالرخصة التي دلّ عليها حديث ابن عباس -رضي الله عنه- في عرفة؛ مع التنبيه على أنّ ذلك لا يكون إلا في حال عدم توفّر النعال أو ما شابهها للمُحرم، فإن وجدها اكتفى بها، والتزم بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فلا يلجأ لا إلى المقطوع ولا إلى غيره.[٨]

المراجع

  1. ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 301، جزء 4. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، صحيح.
  3. ^ أ ب محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 5، جزء 135. بتصرّف.
  4. أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 243، جزء 1. بتصرّف.
  5. عطية سالم ، شرح بلوغ المرام، صفحة 6، جزء 167. بتصرّف.
  6. ابن تيمية، عمدة الفقه كتاب الحج، صفحة 35، جزء 2. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5804، صحيح.
  8. ^ أ ب ابن جبرين ، شرح عمدة الأحكام، صفحة 5، جزء 36. بتصرّف.