فضائل الحج الفردية
تضافرت النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على بيان فضائل الحج وعِظم ثوابه عند الله -سبحانه-، وفضائله عديدةٌ ومجالاتها متعدّدة، تشمل الفرد والمجتمع المسلم بالخير العميم، ونذكر أبرز فضائل الحج التي تعود على المسلم فيما يأتي:[١]
- مغفرة الذنوب والسيئات
هنيئاً لِمن حجّ حجاً مبروراً بمغفرة ذنوبه! فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ)،[٢] وهذا يشمل تكفير الذنوب الصغائر دون الكبائر عند عامة أهل العلم، لأنّ الكبائر تحتاج إلى توبةٍ صادقة.
وقد قال القاضي عياض: "أجمع أهل السنة أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة، ولا قائل بسقوط الدين،... فالحج يغفر الذنوب، ويزيل الخطايا إلا حقوق الآدميين، فإنها تتعلق بالذمة"، ويرى بعض الحنفية أنّ المغفرة في الحديث تشمل الصغائر والكبائر.
- الحجّ المبرور سببٌ لدخول الجنة[٣]
ويدل على ذلك قول النبي الكريم: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ، فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ والذَّهبِ والفِضَّةِ، وليس للحَجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ دونَ الجنة).[٤]
- الحج المبرور من أفضل الأعمال عن الله[٥]
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: جِهَادٌ في سَبيلِ اللَّهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ).[٦]
- العتق من النّار، وثناء الله تعالى على عباده الواقفين بعرفة
اختصّ المولى -سبحانه- الواقفين بعرفة بواسع كرمه وعظيم إنعامه؛ فقد صحّ عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).[٧]
- تطهير النفس وتزكيتها
الحجّ يُطهّر النّفس ويُزكّيها، ويرقى بها في مقامات التواضع والافتقار، ويعوّدها على الإخلاص، ويرفع من معنويات المسلم، ويكون من ثمار ذلك تربيته على حسن الظنّ بالله -تعالى-.
- تقوية الإيمان
ذلك أنّ الحجّ المبرور كلّه عبادة، وفيه العديد من الشعائر والأعمال التي يبتغي بها العبد وجه الله -تعالى-، ويُساعده ذلك على التوبة الصادقة، وتجديد العهد مع الله -تعالى-، ويُهذّب ذاته، ويقوي مشاعره نحو البيت العتيق.
- تربية النفس على المجاهدة
ذلك أنّ الحجّ سفرٌ، وهو يحتاج إلى تحمّل المشاق والصبر والمجاهدة، وهذا يربّي المؤمن على تلك القيم النبيلة في حياته.
فضائل الحج الجماعية
يبرز في الحجّ العديد من الفضائل والفوائد الجماعية، ولعلّ من أهمّها ما يأتي:[١]
- التعارف بين المسلمين من جميع البلدان وعلى اختلاف لغاتهم وألوانهم.
- الترابط والتعاون صفاً واحداً، وهذا يزيد من هيبتهم في قلوب أعدائهم.
- إمكانية تبادل المنافع الاقتصادية بين المسلمين.
- الأخوّة وقوة الترابط بين المسلمين التي قال الله -تعالى- فيها: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).[٨]
- الشعور بالعدل والمساواة، فهناك لا فرق بين عربيٍّ وأعجميّ أو أبيض وأسود إلا بالتقوى والقرب من الله -عز وجل-.
- نشر الدعوة الإسلامية.
الحكمة من مشروعية الحج
شرع الله -تعالى- الحجّ للعديد من الحِكم، ولعلّ من أبرزها ما يأتي:[٩]
- تحقيق التوحيد الخالص لله -تعالى- وحده.
- تحقيق التقوى لله -تعالى-، والذي يظهر من خلال اجتناب المحرّمات والمحظورات، وفعل المأمورات بإخلاص.
- التجرّد عن الدنيا وزينتها، وإظهار الافتقار إلى الله -تعالى-، واللجوء إليه بالدعاء.
- إظهار شعيرة من شعائر الله، وإقامة ذكره -سبحانه-.
- التذكير بيوم الحساب والآخرة ووقوف العباد بين يدي الله -تعالى-.
- إظهار معاني الوحدة بين المسلمين وتربية الأمة على هذه القيمة.
- شكر الله -تعالى- على نِعمه؛ ومنها نعمة الصحة وسلامة الجسد، ونعمة المال.
المراجع
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2067-2070، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1521، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 26، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شفيق بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:3693، أخرجه في صحيحه.
- ↑ محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 219، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1519، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1348، صحيح.
- ↑ سورة الحجرات، آية:10
- ↑ "من حِكَم مشروعيَّةِ الحَجِّ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 5/3/2023. بتصرّف.