أعمال يوم التروية
تبدأ في يوم التروية أهمّ مناسك الحجّ، وسيتمّ توضيح هذه المناسك والأعمال بشيءٍ من التفصيل بتسلسلٍ فيما يأتي:
الإحرام للمتمتع
يُحرِم المتمتّع في هذا اليوم بالحجّ، لأنّ المتمتّع ينوي عند القدوم العمرة، فيعتمر ثمّ يتحلّل بعد السعي، ولِذلك يُسنّ له أن يُحرم بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجّة اتِّباعاً للسنّة، أمّا الحاجّ المُفرد والقارن فيبقون على إحرامهم السابق.[١]
ويفعل المُحرم في يوم التروية كما يفعل عند الميقات، وله أن يُحرم من مكة أو من خارجها، وقد قال ابن تيمية -رحمه الله- عن الإحرام من خارج مكة: "... هذَا هُوَ الصوابُ، وأصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّما أَحْرَمُوا كمَا أَمَرَهُمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنَ البَطْحَاءِ، والسُّنَّةُ أنْ يُحْرِمَ مِنَ الموضعِ الذِي هو نازِلٌ فيهِ، وكذلِكَ المكِّيُّ يُحْرِمُ مِنْ أهلِهِ".[٢]
التلبية
يبدأ الحاج بالتلبية عند الإحرام وبعده، ويُسنّ للحجّاج الرجال أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية إلى أن يرموا جمرة العقبة في العيد،[٣] وقد ثبتت صيغة التلبية في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، ففي الحديث: (أنَّ تَلْبِيَةَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ).[٤]
الذهاب إلى مِنى
يسنّ لجميع الحجّاج في هذا اليوم أن يأتوا إلى مِنى حتى يبيتوا فيها ليلة عرفة، ويُسنّ أن يُصلّي فيها الحاج الصلوات الخمسة، ويقْصُر الصلاة الرباعيّة -أي الظهر والعصر والعشاء- فيُصلّيها ركعتين، ويُكثر الحجّاج في هذا اليوم من الدعاء والتسبيح والاستغفار والرجوع إلى الله -تعالى-، ويستثمرون الوقت بالأعمال الصالحة.[٥]
والأفضل أن يَخرج الحجّاج إلى مِنى قبل زوال الشمس، ويدلّ على الذّهاب إلى منى والمبيت فيها قول جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (... فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ...).[٦][٧]
والمبيت في مِنى سنةٌ عند أكثر أهل العلم وليس فرضاً، ولكن على الحاجّ أن يحرص على اتّباع السنة والاقتداء بالنبيّ الكريم وصحبِه والإتيان بجميع السنن قدر المستطاع حتى ينال الأجر والثواب العظيم، وإذا بات في مِنى وصلّى الفجر انتظر حتى تطلع الشمس، ثمّ يتوجّه بعد ذلك إلى عرفات.[٨]
ويُسنّ للحاج أن يدخل إلى عرفات بعد زوال الشمس؛ وهو ما يُقارب قبل وقت صلاة الظهر بنصف ساعة، بحيث يمكث الوقت الزائد قبل الدخول إليها في نمرة، وهي سنّة يُستحبّ اتّباعها، أمّا إن لم يتيسّر للحاج ذلك فله أن يدخل إلى عرفات مباشرةً دون أن يمكث في نمرة.[٩]
التعريف بيوم التروية
يوم التروية هو أحد أيام العشر من ذي الحجة المباركة، وهو اليوم الثامن من ذي الحجّة، وقد سُمّي بذلك لأن النّاس كانوا يحملون معهم الماء من مكة إلى عرفات لِيَتَرَوَّوا به ويستعملونه في الشرب ونحوه من الحاجات الأخرى، إذْ لم يكن في تلك الأماكن ماء سابقاً، ويُسمّى كذلك بيوم النّقلة؛ لأنّ الحجّاج ينتقلون فيه من مكّة إلى مِنى.[١٠]
المراجع
- ↑ علي بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 11، جزء 34. بتصرّف.
- ↑ ابن تيمية، مناسك الحج لابن تيمية، صفحة 88.
- ↑ صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 430، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1549، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 74، جزء 83. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
- ↑ صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 430، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 5-6، جزء 26. بتصرّف.
- ↑ مصطفى العدوي، دروس للشيخ مصطفى العدوي، صفحة 40، جزء 37. بتصرّف.
- ↑ محمد حمادة، الركن الخامس، صفحة 295. بتصرّف.