عمرة التمتع

هي العمرة التي يؤديها المسلم في أشهر الحج "شوال وذو القعدة والعشر الأولى من ذي الحجة"؛ ومن بعد ذلك يتحلل منها، ومن ثم يُحرم للحجّ في ذات العام، ويسمى من يفعل ذلك متمتعاً،[١] والسبب في التسميّة بالتمتع أنّ المحرمين بالعمرة متمتّعون بها إلى الحج يباح لهم النساء والطيب في الفترة التي يتحللون فيها ما بين الحجّ والعمرة، وقيل لسقوط أحد الأسفار عن المحرم؛ حيث يقوم بنُسُكين صحيحين في سفر واحد وهما الحج والعمرة.[٢]


والسببان السابقان هما المشهوران عند جمهور أهل العلم، إلا أنّ بعضهم أضاف إلى ما ذكرنا أنّ المحرم لمّا انتفع بالتقرب إلى الله -تعالى- بأداء عبادتين في ذات الوقت؛ وتمتع بالحياة إلى أنّ أدرك مناسك الحجّ، لمّا حقق كل ذلك سمّي نُسكُه تمتعاً.[٣]


الأحكام المتعلقة بعمرة التمتع

اختصّت عمرة التمتع ببعض الأحكام التي ميّزتها عن باقي الأنساك من الإفراد والقِران؛ ومن هذه الأحكام:[٤]

  • يجب على المتمتع ذبح الهدي؛ على أن يعتمر في أشهر الحجّ، ومن ثم يؤدي مناسك الحج في ذات العام.
  • إذا عاد المعتمر إلى بلده بعد العمرة، أو سافر بمسافة مماثلة سقط عنه الهدي على رأي بعض أهل العلم، وإن كان الأحوط والأفضل أن يذبح الهدي.
  • إذا كان المعتمر من أهل الحرم، وكان بينه وبين الحرم مسافةً لا يجوز فيها قصر الصلاة لم يجب عليه دم، أمّا إن كان من غير ذلك وجب عليه؛ لقوله -تعالى-: (ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).[٥]
  • من لم يجد الهدي فعليه صيام عشرة أيام؛ ثلاثة منها في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ قال -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).[٥][١]


التمتع أفضل النسك

ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى القول بأنّ التمتع بالحجّ هو أفضل النُسك لمن لم يَسُق معه الهدي؛ وهم الحنابلة وأحد الأقوال عند الإمام الشافعي، واختاره ابن حزم وابن قدامة؛ وذلك استدلالاً بما يأتي:[٦]

  • أنّ القرآن الكريم نصّ على التمتع دون الأنساك الأخرى؛ قال -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).[٥]
  • أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أصحابه بالتحوّل إلى التمتع؛ وقد ثبت ذلك في السنة النبوية، ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (أنَّهُ حَجَّ مع رَسولِ اللهِ عَامَ سَاقَ الهَدْيَ معهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بالحَجِّ مُفْرَدًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: أَحِلُّوا مِن إحْرَامِكُمْ، فَطُوفُوا بالبَيْتِ وبيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا، وَأَقِيمُوا حَلَالًا حتَّى إذَا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فأهِلُّوا بالحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتي قَدِمْتُمْ بهَا مُتْعَةً).[٧]
  • أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لو لم يسق الهدي لحجّ متمتعاً، وذلك قوله لأصحابه عندما أمرهم بالتحول إلى التمتع؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (فإنِّي لَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الهَدْيَ، لَفَعَلْتُ مِثْلَ الذي أَمَرْتُكُمْ به، وَلَكِنْ لا يَحِلُّ مِنِّي حَرَامٌ، حتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَفَعَلُوا).[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب [عبد الله بن محمد البصيري]، الحج والعمرة والزيارة، صفحة 285. بتصرّف.
  2. ابن الملقن، التوضيح لشرح الجامع الصحيح، صفحة 226، جزء 11. بتصرّف.
  3. محمد بن علي بن آدم الأثيوبي، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، صفحة 172، جزء 24. بتصرّف.
  4. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 602-604. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت سورة البقرة، آية:196
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 96، جزء 2. بتصرّف.
  7. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1216، صحيح.