هل يجوز طواف الإفاضة بالملابس العادية؟
أفتى أهل العلم بجواز أداء طواف الإفاضة بالمخيط من الثياب -الملابس العاديّة-، من غير الحاجة لارتداء ملابس الإحرام؛[١] وهذا في حال تحلّل الحاجّ التحلّل الأصغر أو التحلّل الأول في الحجّ؛ والذي يحصل برمي جمرة العقبة، وبالحلق أو التقصير عند جمهور الفقهاء؛ وزاد الشافعيّة والحنابلة النّحر على الأمور التي يحصل بها تحلّل الحاجّ الأول؛ فيكون التّحلل عندهم بفعل أمرين اثنين من هذه الثلاثة: رمي الجمرة، النّحر، الحلق أو التقصير.[٢]
ومن الجدير بالذكر أنّ بعض الفقهاء ذهبوا إلى وجوب الترتيب بين هذه الأعمال؛ فمذهب الحنفيّة والمالكيّة ورواية عن الإمام أحمد وجوب الترتيب؛ بحيث يقوم الحاجّ أولاً بالرمي، ثم النّحر -لمن كان عليه ذبح واجب-، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، بينما رأى الإمام الشافعي والإمام أحمد في رواية أخرى عنه؛ سنيّة الترتيب، وقد اعتمد كل فريق على أدلتهم من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، التي يمكن الرجوع إليها في موضعها.[٣]
ما يجوز بالتحلل الأصغر في الحج
يجوز للحاجّ بالتحلّل الأول أو الأصغر إتيان كل المحظورات باستثناء النساء -أيّ الجماع-، وقد استثنى بعض الفقهاء الطيب، واستثنى بعضهم الآخر الصيّد؛ ويمكن بيان الأدلة التي استند إليها هؤلاء الفقهاء على النحو الآتي:[٢]
- استدلّ القائلون بجواز فعل الحاجّ للمحظورات كلها باستثناء النساء بعد التحلّل الأول؛ بما صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رمى أحدُكم جمرةَ العقَبةِ، فقد حلَّ له كلُّ شيءٍ إلا النساءَ)،[٤] وبما ثبت عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كُنْتُ أُطَيِّبُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَيَومَ النَّحْرِ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ، بطِيبٍ فيه مِسْكٌ).[٥]
- استدلّ القائلون -وهم المالكيّة- بجواز فعل الحاجّ للمحظورات كلها باستثناء النساء والصيد بعد التحلّل الأول؛ بقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ...)،[٦] ووجه الدلالة أنّ الحاجّ لا يزال مُحرماً بالحجّ؛ لأنّه لم يتحلل التحلّل الأكبر؛ فإذا طاف طواف الإفاضة صار حلالاً، وجاز له كل المحظور.
- استدلّ القائلون بجواز فعل الحاجّ للمحظورات كلها باستثناء الطيب والنساء بعد التحلّل الأول؛ بما صحّ عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أنّه خطب بالناس في الحجّ فقال لهم: (إِذَا جِئْتُمْ مِنًى، فَمَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَى الْحَاجِّ؛ إِلَّا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ، لَا يَمَسَّ أَحَدٌ نِسَاءً وَلَا طِيبًا، حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ).[٧]
الطواف بغير ملابس الإحرام
أجاز أهل العلم الطواف بالملابس العاديّة لكل طواف ليس من قبيل النُسُك؛ أيّ الطواف الذي المتعلّق بالحجّ والعمرة، والذي يكون في أثناء الإحرام، وقبل التحلّل الأول للحجّ، وقبل التحلّل للعمرة، وهو طواف التطوّع؛ إذ إنّ الطائف لا يكون مُحرماً من الأصل، فلا يلزمه ارتداء ملابس الإحرام؛[٨] ودليلهم في ذلك ما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (إنَّهُ -تقصد النبي صلى الله عليه وسلم- أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بالبَيْتِ...).[٩][١٠]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 20174، جزء 11. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 248، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 60-61، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1978، صححه الألباني.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1191، صحيح.
- ↑ سورة المائدة، آية:95
- ↑ رواه الموطأ، في الإمام مالك، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:221، إسناده صحيح.
- ↑ حسن أبو الأشبال الزهيري، شرح صحيح مسلم، صفحة 40، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1641، صحيح متفق عليه.
- ↑ أحمد العامري، الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث، صفحة 76. بتصرّف.