ما هو المخيط في الإحرام؟

يُعرف المخيط عند الفقهاء بأنّه: كل ما لُبِسَ على قدر عضو من أعضاء البدن، أو على قدر وقياس كامل البدن، مثل القميص، الجبّة، السراويل، العمائم، ونحو ذلك؛ وينبغي التنبيه أنّ المخيط المحظور في الإحرام، والذي يعتقده كثير من الناس ما كان فيه خياطة، وهذا تصوّر خاطئ؛ لأنّ ملابس الإحرام فيها خياطة، إلا أنّها لا تُفصل البدن أو أيّاً من أعضائه.[١]


وعليه؛ فالمخيط ما كان على قدر العضو أو البدن، على شرط أن يكون ملبوساً؛ فلو كان موضوعاً فقط على العضو دون لبسه لم يكن مخيطاً، وهذا المخيط يعدّ محظوراً من المحظورات؛ فلا يجوز للمُحرم ارتداء المخيط بعد عقد نيّة الإحرام إلى أن يتحلل من إحرامه.[١]


ودليل ذلك ما ثبت من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رجلاً جاء يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عمّا يلبسه المُحرم؛ فقال -صلوات الله عليه-: (لا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا البَرَانِسَ، إلَّا أنْ يَكونَ أحَدٌ ليسَتْ له نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ... ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ).[٢][١]


مخيط الرجل والمرأة

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق ما لا يجوز للرجل المُحرم لبسه من المخيط؛ وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- عدداً من الملبوسات المخيطة إشارةً إلى حصر الممنوع من اللباس عند الإحرام، وليس المقصود حصر الممنوع بالمذكور فقط؛ إنّما القياس عليه بما يشابهه؛[٣] فيكون إحرام الرجل بالتجرّد من كل الثياب المفصّلة على قدر العضو أو البدن، ثم يُحرم بملابس الإحرام المكونة من إزار ورداء ونعلين، اتباعاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.[٤]


أمّا المرأة المُحرمة فلها أن تلبس من المخيط الساتر ما شاءت إلا أن ترتدي النقاب، وتشدّه على رأسها ووجهها، وأن لا ترتدي القفازات في يديها؛ فقد رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: "إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها"، ويعني بذلك أن منع الرجل من تغطية الرأس في الإحرام ولبس المخيط عليه، يقابله إحرام المرأة في وجهها.[٤]


إلا أنّ بعض أهل العلم أجازوا للمرأة المُحرمة أن تغطي وجهها ويديها بإسدال الثوب أو ما شابه، على أن لا يكون ذلك ملاصقاً للوجه والكفّين، فإذا خالطت الرجال، أو اشتدّ الزحام أسدلته؛[٤] بدليل ما صحّ عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كان الرُّكبانُ يَمُرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مُحْرِماتٌ؛ فإذا حاذُوا بنا أَسدَلَتْ إحدانا جِلْبابَها من رأسِها على وجهِها).[٥][٦]


فدية لبس المخيط

سمّى أهل العلم فدية لبس المخيط حال الإحرام بفديّة الأذى؛ فمن وقع منه ذلك عامداً أو مضطراً، وجبت عليه الفدية؛ بأن يُخيّر المُحرم -سواء أكان رجلاً أو امرأة- بين صيام ثلاثة أيام في أيّ مكان؛ أيّ لا يُشترط أن يكون بمكة المكرمة، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة؛ والإطعام والذبح يكون لفقراء مكة المكرمة، ويكفي في الإطعام مقدار وجبة طعام لكل مسكين بحسب العرف والعادة.[٧]


ودليل ذلك ما جاء في قوله -تعالى-: (... فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ...)،[٨] كما ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنّه أمر رجلاً أن يحلق رأسه وهو مُحرم؛ للأذى الذي لحق به من القمل، فقال له -صلى الله عليه وسلم-: (... احْلِقْ رَأْسَكَ، وصُمْ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، أوْ أطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أوِ انْسُكْ بشَاةٍ).[٩][٧]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ابن عثيمين، الشرح الصوتي لزاد المستقنع، صفحة 3755، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، صحيح.
  3. ابن عثيمين، فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام، صفحة 370، جزء 3. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 6، جزء 41. بتصرّف.
  5. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1833، صححه الألباني.
  6. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 257. بتصرّف.
  7. ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 274، جزء 3. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:196
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم:1814، صحيح متفق عليه.