حكم لبس إحرام شخص آخر

أباح العلماء لبس إحرام شخص آخر، أو لبس ملابس الإحرام المتوفرة لدى المُحرم؛ إذ لا يُشترط في ملابس الإحرام أن تكون جديدة؛ وإنمّا أن تكون نظيفة أو مغسولة؛ يقول ابن قدامة -رحمه الله-: "... ويُسْتَحَبُّ أن يَكُونَا نَظِيفَيْنِ؛ إمَّا جَدِيدَيْنِ، وإمَّا غَسِيلَيْن؛ لأنَّنا أحْبَبْنَا له التَّنَظُّفَ في بَدَنِه، فكذلك في ثِيَابِه، كشَاهِدِ الجُمُعَةِ...".[١]


وبناءً عليه فلا مانع من استعارة ملابس الإحرام من شخص آخر -كما يفعل بعض الناس-، ولا مانع كذلك من ارتداء ما أُهدي منها؛ ويُشترط فيها أن تكون طاهرة من الخبائث، لم يمسّها الورس والزعفران؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الأمور التي يُنهى المُحرم عن إتيانها: (... ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أوْ ورْسٌ).[٢][٣]


وأن تكون ساترة للعورة؛ فلو قام المُحرم بوضع الخرق، أو لبس السراويل أو نحوها من الثياب، أسفل ملابس الإحرام لستر العورة، فهذا يُعدّ محظوراً من محظورات الإحرام؛ لأنّ المخيط الذي يُفصّل على قدر أعضاء الجسم نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ويلزم على المُحرم الفديّة بفعل هذا المحظور، إذا تعمّده، ولم يكن ناسياً أو جاهلاً أو مضطراً عند بعض أهل العلم.[٤] كما يُستحب في ملابس الإحرام أن تكون:

  • إزاراً ورداءً؛ لما صحّ عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (... وليُحْرِمَ أحدُكُم في إزارٍ ورداءٍ...).[٥][٦]
  • بيضاء اللون -ولا يُشترط ذلك-؛ لما صحّ عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (البِسوا من ثيابِكُمُ البياضَ، فإنَّها مِن خيرِ ثيابِكُم، وَكَفِّنوا فيها موتاكم...).[٧][٨]


حكم تغيير ملابس الإحرام

يظنّ كثير من الناس أنّ تغيير ملابس الإحرام بعد الإحرام غير جائز؛ ولكن في الحقيقة لم يمنع العلماء من خلع ملابس الإحرام التي أُحرم بها -المرأة والرجل على سواء-؛ للتنظّف والاستحمام، أو لغسل ما اتسخ منها، أو استبدالها بأخرى نظيمة؛ فكل ذلك جائز لا حرج فيه؛ إذ لم يرد دليل على المنع، أو القول بخلاف ذلك،[٩] على أن يراعي المسلم تجنب محظورات الإحرام بعد خلع أو تغيير ملابس الإحرام؛ كالتطيّب أو قص الشعر والأظافر، أو لبس المخيط، وغيرها من المحظورات.


حكم لبس ملابس الإحرام دون إحرام

ذهب بعض أهل العلم إلى القول بجواز لبس ملابس الإحرام -الإزار والرداء- دون إحرام، أو دون عقد النيّة للإحرام؛ لأنّ هذه الملابس صالحة لكلّ زمان ومكان، كما أنّ عقد نيّة الإحرام يختلف عن مجرد ارتداء الملابس الخاصّة بذلك؛ فلو لبسها المسلم قبل الإحرام بساعات، ولم يعقد النيّة على أداء النُسُك جاز له فعل جميع المحظورات؛ إذ إنّه لم يدخل في النُسُك، فيكون الضابط هنا العزم والنيّة، وليس الإحرام مجرد اللباس.[١٠]

المراجع

  1. ابن قدامة، المغني، صفحة 77، جزء 5. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1543، صحيح.
  3. حسين العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 334، جزء 4. بتصرّف.
  4. محمد بن عبد العزيز المسند، فتاوى إسلامية، صفحة 229-230، جزء 2. بتصرّف.
  5. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:278، أخرجه في صحيحه.
  6. عبد الله بن جاسر، مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام، صفحة 82، جزء 1. بتصرّف.
  7. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3878، صححه الألباني.
  8. ابن أبي عمر، الشرح الكبير على المقنع، صفحة 229، جزء 3. بتصرّف.
  9. سعيد بن وهف القحطاني، مرشد المعتمر والحاج والزائر في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 37. بتصرّف.
  10. ابن جبرين، شرح أخصر المختصرات، صفحة 16، جزء 18. بتصرّف.