حكم الإحرام قبل الميقات

السُّنّةُ أن يُحرم المسلم من الميقات اقتداءً بالنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإن أحرم قبل الميقات انعقد إحرامه مع الكراهة، لأنّ فعله خِلاف السنّة، ويدلّ على أنّ الأصل هو الإحرام من الميقات قول ابن عباس -رضي الله عنه-: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ).[١][٢]


ومَن أراد السفر بالطائرة فأحرم من المطار احتياطاً فإحرامه جائزٌ ومنعقدٌ بالإجماع،[٣] والقول بكراهة الإحرام قبل الميقات هو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، أما الحنفية فيرون أن الإحرام قبل الميقات أفضل لمن أمِنَ على نفسه من ارتكاب محظورات الإحرام أو مخالفة أحكام الإحرام.[٤]


ويُقصد بالإحرام هنا نيّة الدخول بنسك الحجّ أو العمرة، وليس المقصود لبس ملابس الإحرام والتجرّد من المخيط، فهذا لا بأس به، وللمسلم أن يلبس رداءه وإزاره من منزله، أمّا نيّة الدخول في النسك فالأفضل أن تكون عند محاذاة الميقات،[٥] ونذكر بعض أقوال أهل العلم في نقلهم للإجماع على انعقاد الإحرام قبل الميقات مع تفضيل الإحرام من الميقات فيما يأتي:[٦]


  • قال ابن قدامة -رحمه الله-: "لا خلاف في أن من أحرم قبل الميقات يصير محرماً تَثْبُتُ في حقه أحكام الإحرام".
  • قال ابن المنذر -رحمه الله-: "أجمعوا على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم".
  • قال ابن قدامة -رحمه الله-: "... ولكن الأفضل الإحرام من الميقات ويمكن قبله".


حكم مَن تجاوز الميقات بلا إحرام

يجب على مَن أراد العمرة أو الحجّ أن يُحرم من الميقات، فإن تجاوزه عاد إليه وأحرم منه، فإنْ أخّر إحرامه بعد الميقات أثِم، لأنّ الإحرام بعد تجاوز الميقات حرامٌ بالإجماع إذا كان فاعله متعمِّداً،[٧] ومَن أحرم بعد تجاوز الميقات ولم يرجع إليه انعقد إحرامه، ولكن تجب عليه الفدية في قول أكثر أهل العلم، وهي شاة تُذبح في مكّة وتوزّع على الفقراء فيها، فإن لم يستطع صام عشرة أيام؛ ثلاثة في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله.[٨]


أمّا مَن ذهب إلى مكّة وهو لا يُريد الحجّ أو العمرة، ثمّ لمّا وصل هناك أراد أن يعتمر أو يحجّ دون أن يكون ذلك مقصده من بداية سفره، فإنّه يحرم من حيث أنشأ، إلا العمرة المنفردة فمن نواها في الحرم وجب عليه الخروج إلى أدنى الحلّ -كالتنعيم- حتى يُحرم منه، وأهل المكة يُحرمون بالحجّ من أماكنهم، فإن أرادوا الإحرام بالعمرة منفردة أو متمتّعين بها إلى الحجّ فيذهبون إلى أدنى الحلّ ويُحرمون منها.[٩]


إحرام مَن لا يمرّ من المواقيت

ذهب الفقهاء إلى أنّ المسلم الذي لا يمرّ من المواقيت التي حدّدها النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل يسلك عادةً طريقاً بين ميقاتين، فعليه حينها أن يتحرّى ما يُحاذي أحد الميقاتين بغلبة الظنّ فيُحرم منه، فإن لم يستطع ذلك فقال الحنفية: يُحرم حينها على بُعد مرحلتين من مكة، لأنّها أدنى هذه المواقيت مسافةً، وهو ما يُقدّر بمسافة القصر (80 كم تقريباً).[١٠]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1524، صحيح.
  2. محمد التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 245، جزء 3. بتصرّف.
  3. أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 6، جزء 3. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 148، جزء 2. بتصرّف.
  5. عبد الكريم الخضير، دروس الشيخ عبد الكريم الخضير، صفحة 20، جزء 38. بتصرّف.
  6. سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 186-187. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 147، جزء 2. بتصرّف.
  8. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 62، جزء 461. بتصرّف.
  9. محمد التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 656-657. بتصرّف.
  10. "الميقات للحج والعمرة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 13/4/2023. بتصرّف.