هل يجوز لبس ملابس الإحرام من البيت؟
فرّق العلماء بين الاستعداد للإحرام، وبين عقد نيّة الإحرام؛[١] فقالوا إنّ لبس الرجل الذي ينوي أداء المناسك ثياب الإحرام من البيت، أو من الفندق، أو قبل صعوده للطائرة أو نحو ذلك؛ فهذا يُسمّى استعداداً لا إحراماً، ولا حرج بفعله، ولكنّه لا يعقد نيّة الإحرام للنُسُك إلا إذا وصل الميقات المكانيّ الخاص به؛ ويُستحب له قبل ارتداء الإحرام الاغتسال والتطيّب، وتقليم الأظفر، وقص الشاربين، وغيرها من سنن الإحرام.[٢]
ويجدر التنبيه إلى أنّ القيام بإحدى محظورات الإحرام أثناء لبس ملابس الإحرام، وقبل وصول الميقات وعقد النيّة؛ جائز لا حرمة فيه، كمن ارتدى المخيط، وغطى رأسه، وتطيّب، ونال شيئاً من شعره، أو أتى أيّاً من المحظورات؛ فإذا وصل الميقات، ونوى الإحرام للنُسُك؛ امتنع عن كل ذلك إلى أن يتحلل من إحرامه.[١]
حكم مجاوزة الميقات من غير إحرام
يقع بعض الناس في لَبْسٍ في أثناء سفرهم بالطائرة أو بسيّاراتهم الخاصة لأداء النُسُك؛ فقد يتجاوزون الميقات، دون أن يعقدوا نيّة الإحرام؛ مما يترتب عليهم على رأي الجمهور الإثم إن كان تركهم الإحرام عن قصد وتعمّد، ويلزمهم الرجوع إلى الميقات والإحرام منه، كما تجب عليهم الفديّة لهذا الترك.[٣]
أمّا من كان متردداً في أداء النُسُك؛ أو لم يكن قد عزم على أدائه أثناء سفره، ثم بدا له عكس ذلك، وأراد الإحرام، وقد جاوز ميقات أهل بلده؛ فلا يلزمه الرجوع إلى الميقات، بل يُحرم من أدنى المواقيت القريبة منه.[٣]
والأصل في ذلك ما ثبت عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، فَهُنَّ لهنَّ ولِمَن أتَى عليهنَّ، مِن غيرِ أهْلِهِنَّ مِمَّنْ كانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمَن كانَ دُونَهُنَّ، فَمِنْ أهْلِهِ حتَّى إنَّ أهْلَ مَكَّةَ يُهِلُّونَ منها).[٤][٥]
حكم الإحرام دون لبس ملابس الإحرام
ذهب العلماء إلى جواز إحرام الرجل المريد للنُسك بما يستر جسمه من غير المخيط؛ وذلك إذا تعذّر عليه إيجاد ملابسٍ للإحرام -من الإزار والرداء-، كأن يلتفّ ببطانيّة، أو عباءة دون أن يدخل يديه فيها، بأن يضعها على عاتقيه ويستتر بها، أو نحو ذلك من الأغطية والأقمشة التي لا تُفصل أعضاء الجسم؛ والأفضل والأكمل والأورع أن لا يلجأ المُحرم لذلك، إلا اضطراراً.[٦]
وإن لم يجد المُحرم ما يستتر به من غير تفصيل لأعضاء جسمه، وأحرم بالمخيط من قمصان وسراويل، فإحرامه صحيح؛ ولكن تلزمه الفديّة على إتيان هذا المحظور؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في تعيين المحظور من اللباس في الإحرام: (لا تَلْبَسُوا القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ، إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ ولَا الوَرْسُ).[٧][٦]
المراجع
- ^ أ ب أسامة سليمان، دروس الشيخ أسامة سليمان، صفحة 29، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 11، جزء 91. بتصرّف.
- ^ أ ب عز الدين بن عبد السلام، الغاية في اختصار النهاية، صفحة 54-55، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1529، صحيح.
- ↑ عبد الكريم الخضير، شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، صفحة 8، جزء 26. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 7، جزء 116. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5803، صحيح.