حكم صيام يوم التروية

يوم التروية هو اليوم الثامن من أيام العشر من ذي الحجة،[١] وقد اتّفق الفقهاء على استحباب صيام الأيام التسعة من ذي الحجّة لغير الحاج، ويرى الشافعية استحباب صيام الثماني من ذي الحجّة حتى للحاج، بينما استثنى المالكية استحباب صيام اليوم الثامن للحاج، وقال الحنابلة عن صيام الأيام الثمانية: "وَآكَدُهُ الثَّامِنُ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ".[٢]


ويرى المالكية أنّ صيام يوم التروية يُكفّر السَّنة الماضية، ولكنّ الحديث الوارد في ذلك ضعيف،[٢] ويدلّ على استحباب صيام يوم التروية قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ).[٣][٤]


والعمل الصالح لفظٌ عام يشمل الصلاة، والصيام، والصدقة، وقراءة القرآن، والإحسان إلى النّاس، وبر الوالدين، وذكر الله -تعالى-، وغيرها من الطاعات والقُرُبات، وصيام يوم التروية وغيرها من أيام ذي الحجّة يدخل في عموم هذا الحديث النبوي الشريف.[٥]


أعمال يوم التروية للحاج

يفعل الحاج في يوم التروية العديد من الأعمال اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكِرام، وهذه الأعمال هي:


الإحرام

إذا كان الحاجّ حلالاً -أي غير مُحرم كأن يكون متمتِّعاً- فيُستحبّ له أن يُحرم بالحج في يوم التروية، وكذلك مَن أراد الحجّ من أهل مكة، فيُهلّ بالحجّ، ويفعل كما يفعل من الأعمال المستحبة عند الإحرام من الميقات، فيغتسل، ويتنظّف، ويلبس الإزار والرداء قبل أن ينوي الإحرام، ويدلّ على استحباب الإحرام في هذا اليوم ما ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، حيث قال: (... فَلَمَّا كانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إلى مِنًى، فأهَلُّوا بالحَجِّ).[٦][٧]


أداء الصلوات الخمسة في مِنى

يُستحبّ للحاجّ بعد إحرامه أن يتوجّه إلى مِنى، ويُصلّي فيها الصلوات الخمسة، بحيث يَصِل إلى مِنى في وقت الظهر، ويبيت فيها ويُصلّي الفجر، ويدلّ على ذلك قول جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (... وَرَكِبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ...)،[٦] ولا يُصلّي الصلوات جمعاً بل يقصرها، لأنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقصر الصلاة في مِنى ولا يجمع.[٨]


التعريف بيوم التروية

يوم التروية هو أحد أيام العشر من ذي الحجّة المباركة، وهو اليوم الثامن منها، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ العمل الصالح في هذه الأيام أفضل من العمل في غيرها، كما أنّ الله -تبارك وتعالى- أقسم بهذه الأيام فقال: (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ).[٩][١٠]


وقد سُمّي يوم التروية بذلك لأنّ النّاس فيه كانوا يحملون معهم الماء من مكة إلى عرفات، ويتروّون فيه، فيستقون به ويسقون به، والأعمال التي تمّ ذكرها سابقاً في الحجّ مُستحبَّةٌ في يوم التروية اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي ليست واجبة، إذْ يستطيع الحاج القدوم إلى عرفة مباشرة، ولكن ينبغي أن يكون عند الوقوف بعرفة محرماً، سواء أحرم في الثامن من ذي الحجة أو قبله أو بعده.[١٠]

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 216، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 91، جزء 28. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:969، صحيح.
  4. "ما حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من شهر ذي الحجة للحاج وغيره؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 30/8/2023. بتصرّف.
  5. ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، صفحة 303، جزء 5. بتصرّف.
  6. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 217، جزء 2. بتصرّف.
  8. أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 10، جزء 10. بتصرّف.
  9. سورة الفجر، آية:1-2
  10. ^ أ ب "يوم التروية"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 30/8/2023. بتصرّف.