طريقة الإحرام من الميقات

هناك عدّة أعمالٍ يُستحبّ للمسلم أن يفعلها في الميقات حتى يتهيّأ للإحرام، ثمّ ينوي بعد ذلك الدخول في نسك الحجّ أو العمرة، وسيتمّ توضيح ذلك فيما يأتي:


سنن تسبق الإحرام في الميقات

يُستحبّ للمسلم أن يتهيّأ للإحرام بفعل العديد من السّنن التي تسبقه، ومن هذه الأعمال ما يأتي:[١]

  • الاغتسال

يُسنّ للمسلم الاغتسال قبل إحرامه، وقد ثبت أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يغتسل لإحرامه، بل كان يأمر المرأة الحائض أن تغتسل أيضاً، فيُسنّ الاغتسال للمرأة سواءً كانت حائضاً أم نفساء أم على طهارة، مع أنّ هذا الاغتسال لا يرفع عنها الحدث الآخر، والحكمة من هذه السنّة أن يكون المسلم نظيفاً قبل الاجتماع مع المسلمين، فالاغتسال أبلغ في النظافة وإزالة الرائحة.


  • التنظيف

يُستحب لمن أراد الإحرام أن يتنظّف، وذلك بتقليم أظافره، وإزالة شعر إبطه وعانته، ونحو ذلك من الأشياء التي يحتاج الأخذ منها للمبالغة في التنظيف، فهذه الأمور لا يستطيع فعلها بعد الإحرام، لأنّها من المحظورات على المسلم بعد إحرامه.


  • التطيّب

يُستحبّ للرجل أن يُطيّب بدنه قبل الإحرام بما تيسّر من أنواع الطّيب؛ كالعود، والمسك، والبخور، بشرط أن لا يضع شيئاً من ذلك على ثياب إحرامه، ويدلّ على استحباب تطييب البدن قبل الإحرام قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ).[٢]


  • التجرّد من المخيط للرجال

يُستحبّ للرجل أن يتجرّد من المخيط حتى يتهيّأ للإحرام، فعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ تَجرَّدَ لإِهْلالِهِ واغتسَلَ)،[٣] والمخيط هو كلّ ما يُحيط الملبوس، فيكون على قدره أو على قدر بعضه؛ كالسروال والقميص والقبّعة والخفّ ونحو ذلك، ثمّ يلبس إزاراً ورداءً نظيفيْن، ويُستحبّ أن يكونا أبيضين.


عقد نية الإحرام في الميقات

بعد أن يتهيّأ المسلم لهذه العبادة ينوي الإحرام والدخول في النّسك، ويُستحبّ أن يكون إحرامه عقب صلاة فريضة، فإن لم يكن وقت فريضة يُستحبّ أن يُصلّي ركعتيّ سنّة المسجد أو سنّة الوضوء ثمّ يُحرم بعدها،[٤] ولا يصحّ الإحرام إلا بالنيّة، فيعقد نيّته في قلبه على ذلك، ويُشرع له التلفّظ، كأن يقول: "لبّيك اللهمّ عمرةً أو حجاً".[٥]


وعندما ينوي الإحرام في قلبه يُميّز ما يُريد من العبادة: هل هي عمرةٌ أم حجٌ مُفردٌ أم قارنٌ أم تمتُّع؟ فيُميّزه في قلبه وقوله، ثمّ إذا ركب بدأ يُلبّي فيقول: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ)،[٦] ويُسنّ للرجل أن يرفع صوته بالتلبية، أما المرأة فتُخفضه، ويتأكّد استحباب التلبية عند الصعود والنزول وبعد الصلوات المفروضة وعند إدبار النهار وإقبال الليل وفي الأسحار.[٥]


حكم الإحرام من الميقات

الإحرام من الميقات فرضٌ من فرائض النّسك، سواءً كانَ حجاً أم عمرة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)،[٧] فلا وقوع للنسك دون نيةٍ وهي الإحرام، وقد نُقِل الإجماع على ذلك،[٨] ومن تجاوز الميقات دون إحرامٍ وجب عليه الرجوع إليه والإحرام منه، فإن لم يرجع أحرم ولكن يكون قد ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام، وعليه دمٌ يُذبح ويوزّع على فقراء الحرم، ويأثم إن كان متعمِّداً.[٩]

المراجع

  1. صالح الفوزان، الملخص الفقهي، صفحة 413-415، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1539، صحيح.
  3. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:274، أخرجه في صحيحه.
  4. أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 7، جزء 41. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن قدامة، عمدة الفقه، صفحة 46. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1549، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1، صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية، صفحة 81، جزء 2. بتصرّف.
  9. عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 30، جزء 4. بتصرّف.