الاغتسال للعمرة


حكم الاغتسال للعمرة

يستحب للمسلم إذا أردا أن يحرم للعمرة أن يغتسل، إذ إنه سنة من سنن الإحرام، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية؛ الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، ونقل الإجماع في ذلك،[١] واستدلوا على ذلك بما ثبت عن الصحابي الجليل زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: (أنَّهُ رأى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ تجرَّدَ لإِهلالِهِ واغتسلَ)،[٢][٣] ونُقل عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "إنَّ من السُّنَّةِ أن يَغتسلَ إذا أرادَ أن يُحْرِمَ وإذا أرادَ أن يَدخلَ مكةَ"،[٤] وقال ابن المنذر -رحمه الله-: "أجمع أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال وأنه غير واجب"، ولأن هذه العبادة يجتمع لها الناس فسنّ لها الاغتسال كالجمعة.


فمن قدر على الغسل للإحرام استحبّ له ذلك، ولا يأثم بتركه، ومن توضأ ولم يغتسل أجزأه ذلك، وكان تاركاً للأفضل، فالاغتسال ليس بشرطٍ في الحج أو العمرة ، بل إنه سنة إن فعله الإنسان أثيب عليه،[٥] قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: "وكان ابن عمر يغتسل أحياناً، ويتوضأ أحياناً، وأي ذلك فعل أجزأه".[٦]


حكم اغتسال الحائض والنفساء للعمرة

يُسنُّ للحائض والنفساء الغسل للإحرام بالعمرة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة؛ الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، استدلالاً بالحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه؛ حيث قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (...حتَّى أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ، فأرْسَلَتْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كيفَ أَصْنَعُ؟ قالَ: اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بثَوْبٍ وَأَحْرِمِي)،[٧] ففي هذا الحديث أمر النبي -صلى الله عليه وسلم أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- وهي نفساء أن تغتسل؛ لأنه غسل يُراد به النسك؛ فاستوى فيه الحائض والنفساء مع الطاهرة، ولأن المقصود من غسل الإحرام التنظيف، وهما أجدر بذلك.[٨]


كيفية الاغتسال للعمرة

ليس لغسل العمرة كيفية معينة وصفة مخصوصة تخصّه عن بقية الأغسال المشروعة، فهو كغيره من الأغسال يحصل به أصل الفعل المشروع بتعميم الجسم بالماء، فإن عمّم جميع بدنه بالماء أجزأه ذلك عن غسله للعمرة، إلا أن الأفضل والأكمل أن يغتسل بالكيفية المسنونة التي نقلت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.[٩]


فيغسل يديه ثلاث مرات، ثم ينظف فرجه وعورته ويغسله، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثم يبدأ بغسل رأسه ثلاث مرات، ويحرص على وصول الماء إلى جميع شعره، ثم يعممّ جسمه كاملاً بالماء مرة واحدة، ثم يغسل شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، وإذا أخر غسل رجليه إلى آخر الغسل فلا بأس بذلك، ويقوم بذلك جميع جسده، مع حرصه على عدم الإسراف في الماء.[١٠]


ومما يدل على ذلك ما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يُفْرِغُ بيَمِينِهِ علَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ. ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ فيُدْخِلُ أصَابِعَهُ في أُصُولِ الشَّعْرِ، حتَّى إذَا رَأَى أنْ قَدِ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ. ثُمَّ أفَاضَ علَى سَائِرِ جَسَدِهِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ).[١١]



المراجع

  1. مجوعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 82. بتصرّف.
  2. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن زيد بن ثابت، الصفحة أو الرقم:830، صحيح.
  3. أحمد حطيبة، آداب العمرة وأحكامها، صفحة 4. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1/179، صحيح.
  5. "الغسل للإحرام سنة ليس شرطا ولا واجبا"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 22/8/2022. بتصرّف.
  6. ابن قدامة، المغني، صفحة 75. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  8. "المبحث الأوَّل: الاغتسالُ"، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/8/2022. بتصرّف.
  9. "الغسل للإحرام وصفته"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 22/8/2022. بتصرّف.
  10. محمد المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 13. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:316، صحيح.