صفة وكيفية ركعتي الطواف

بعد أن يطوف الحاجّ أو المعتمر يذهب إلى مقام النبي إبراهيم -عليه السلام-، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)،[١] ثمّ ينوي أداء ركعتيّ الطواف، ولا تختلف كيفية أدائها عن أداء سنّة الفجر، وتوضيح صفتها فيما يأتي:[٢]


  • يقف المُصلّي خلف المقام، ويجعله بينه وبين الكعبة إن استطاع.


  • يُصلّي ركعتين، ويُسنّ أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة الكافرون: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)[٣] بعد سورة الفاتحة، ويرى بعض أهل العلم أنّ الحكمة من قراءتها هو إعلان التذلّل والاستسلام التام بين يدي الله -عز وجل-.


  • يُسنّ أن يقرأ في الركعة الثانية بسورة الإخلاص: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)[٤] بعد سورة الفاتحة، ولعلّ الحكمة من ذلك بيان وإعلان التوحيد بحسب قول بعض العلماء.


  • يُصلّي الرّكعتين بنفس طريقة أداء ركعتيّ الفجر أو سنّتها من حيث تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والسجود، ونحو ذلك ممّا لا يخفى على مسلم.


حكم صلاة ركعتي الطواف

يدل على مشروعية ركعتي الطواف ما ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنه-، فقد قال: (قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَطَافَ بالبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وطَافَ بيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ...)،[٥] وقد تعدّدت آراء الفقهاء في حكم صلاة ركعتيّ الطواف، واستدلّ كلٌّ منهم بأدلةٍ شرعية، وتوضيح أقوالهم فيما يأتي:[٦]


  • ذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى أنّ ركعتي الطواف سنّة مؤكّدة، فمن تركها أساء، ولكن ليس عليه شيء لأنّها ليست واجبة.


  • ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنّها واجبة، ولكنّها ليست شرطاً من شروط صحّة الطواف، ومن تركها تبقى في ذمّته وعليه أن يؤدّيها بعد ذلك، سواءً في نفس الزمان أو المكان أم لا.


  • ذهب الإمام مالك في المشهور إلى أنّها واجبة، ويجب تأديتها بعد الطواف بنفس الطّهر، ولا بأس بتأخيرها قليلاً إذا صادف ذلك وقت كراهة ما دام صاحبها بنفس طهره، فإن انتقض وضوؤه وكان طوافه واجباً وجب عليه إعادة الطواف وأداء ركعتين بعده إلا إذا تباعد الوقت، فحينها يُصلّي ركعتي الطواف وعليه دم.


أحكام تتعلّق بركعتي الطواف

تتعلّق بركعتيّ الطواف عدّة أحكام من حيثيَّاتٍ عدّة، وتوضيح أهمّها فيما يأتي:[٧]


  • يُستحبّ أداؤها خلف المقام بأن يجعله المصلّي بينه وبين الكعبة كما أوضحنا سابقاً، فإن لم يتمكّن من ذلك فله أن يُصلّيها في الحرم في أيّ مكانٍ استطاع.


  • مَن طاف أكثر من مرَّةٍ يُستحبّ له أن يُصلّي ركعتيّن بعد كل طواف.


  • إذا كان المُحرِم صغيراً مميِّزاً فيطوف ويُصلّي ركعتي الطواف بنفسه، أما إذا كان غير مميَّزٍ فيطوف به وليّه ويُصلّي -أي الولي- ركعتيّ الطواف.


  • يُستحبّ للمسلم بعد أداء ركعتيّ الطواف أن يدعو الله -تعالى- خلف المقام بما شاء من خيريّ الدنيا والآخرة.


  • يُستحبّ بعد الفراغ من ركعتيّ الطواف أن يذهب المُحرِم إلى الحجر الأسود فيستلمه إن استطاع ذلك، ثمّ يخرج من باب الصفا.


  • تُصلّى ركعتيّ الطواف في أي وقتٍ، أما إذا صادف ذلك وقت كراهة فللعلماء في ذلك تفصيل بيانه فيما يأتي:


  • قال بعض العلماء: الأولى اجتناب صلاة ركعتي الطواف في أوقات النهي الثلاثة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حتَّى تَغْرُبَ).[٨]


  • ذهب بعض العلماء إلى القول بجواز أدائها في أوقات النهي دون كراهة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا بني عبدِ منافٍ، لا تمنعوا أحدًا طافَ بِهذا البيتِ وصلَّى أيَّةَ ساعةٍ شاءَ منَ اللَّيلِ والنَّهارِ)،[٩] وبذلك قال الإمامان الشافعي وأحمد.

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:125
  2. محمد عبد الغفار، دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار، صفحة 8، جزء 31. بتصرّف.
  3. سورة الكافرون، آية:1
  4. سورة الإخلاص، آية:1
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1623، صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 180-182، جزء 58. بتصرّف.
  7. أحمد حطيبة، آداب العمرة وأحكامها، صفحة 9، جزء 3. بتصرّف.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:831، صحيح.
  9. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن جبير بن مطعم، الصفحة أو الرقم:1043، صححه الألباني.