هل الدعاء في العمرة مستجاب؟

إنّ إجابة الدعاء بيد الله -تعالى- وحده، فهو الذي يقبله ويستجيبه كيف شاء وفي الوقت الذي يشاء، ولا بدّ للمؤمن أن يحرص على الإخلاص في دعائه، ويستحضر اليقين بإجابة الله لدعائه، ويُحسن الظنّ به، والدعاء في العمرة يُرجى إجابته بإذن الله، كيف لا وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (الغازي في سبيلِ اللَّهِ، والحاجُّ والمعتمِرُ، وفْدُ اللَّهِ، دعاهُم، فأجابوهُ، وسألوهُ، فأعطاهُم).[١]


ولأنّ الله -سبحانه- اختصّ هذا المكان المبارك بالعديد من الفضائل والأعمال الصالحة، ونذكر أبرز الأسباب التي جعلت الدعاء في العمرة أرجى للإجابة فيما يأتي:

  • السفر، وقد ثبت في الأحاديث النبوية الشريفة أنّ المسافر دعوته مستجابة بإذن الله، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث دعواتٍ مستجاباتٌ دعوةُ المظلومِ ودعوةُ المسافرِ ودعوةُ الوَالِد على وَلدهِ).[٢]
  • ثبوت العديد من الفضائل العظيمة المتعلّقة بأداء العمرة عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك قوله: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ).[٣]
  • شرب ماء زمزم، فالمعتمر يشرب من ماء زمزم، ويحرص على الدعاء عند ذلك، لأنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (ماءُ زمزمَ لما شُربَ له).[٤]
  • تقديم الأعمال الصالحة بين يدي الدعاء يجعلها أدعى للقبول والاستجابة، وكلّما كان العبد قريباً من الله كان ذلك أرجى لإجابة دعائه، والعمرة كلّها طاعات وأعمال صالحة.
  • اشتراك أداء العمرة مع أوقات الإجابة يجعل الدعاء أدعى للقبول كذلك، فيحرص المعتمر على الدعاء في سجوده، وفي ليله، وعند الأذان، وفي يوم الجمعة، فهذا كلّه خيرٌ على خير.


ما يُعين على إجابة الدعاء

هناك العديد من الوسائل التي تُعين المؤمن على استجابة دعائه، ولعلّ من أبرزها ما يأتي:[٥]

  • أن لا يدعو بإثمٍ أو قطيعة، قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ).[٦]
  • أن لا يستعجل الإجابة وييأس من رحمة الله، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٧]
  • أن يكون الدعاء إثر عبادةٍ وطاعة؛ كالدعاء بعد العمرة، والصيام، والصلاة.
  • تقديم الدعاء بالثناء على الله -تعالى- والصلاة على رسوله، وختم الدعاء بالصلاة على النبي الكريم.
  • الإخلاص في الدعاء، والإلحاح فيه، والخشوع أثنائه، وتعليق القلب بالله -سبحانه- وحده، وإحسان الظنّ به.
  • التوسّل إلى الله -تعالى- بأسمائه الحسنى أثناء الدعاء.
  • تحرّي مواطن إجابة الدعاء؛ كالدعاء في ليلة القدر، وفي السجود، وعند الصيام، وفي رمضان، وفي العمرة والحج، وعند الكعبة، وفي السفر، وبين الأذان والإقامة، وفي آخر الليل، وعند نزول المطر.[٨]


أدعية العمرة

ثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعض الأدعية المأثورة في العمرة، وهي:

(لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لكَ).[٩]


  • في الطواف بين الركن اليماني والحجر الأسود

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).[١٠]


  • عند الصفا والمروة

يقرأ المعتمر آية: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)،[١١] وإذا رقى على الصفا استقبل الكعبة ودعاء: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بيْنَ ذلكَ، قالَ مِثْلَ هذا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ).[١٢]


ولا يوجد أدعية أخرى ثابتة ومخصّصة للعمرة، ويستطيع المؤمن أن يدعو الله -تعالى- بما شاء من الدعاء لنفسه وأهله وأحبته وللمسلمين، وخير ما يدعو به هو المأثور عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الأدعية الجامعة لخيريّ الدنيا والآخرة، ومنها على سبيل المثال:

  • (اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن الخيرِ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ، وأعوذُ بكَ مِن الشَّرِّ كلِّه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن الخيرِ ما سأَلكَ عبدُك ونَبيُّكَ، وأعوذُ بكَ مِن الشَّرِّ ما عاذ به عبدُك ونَبيُّكَ، وأسأَلُكَ الجنَّةَ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ، وأعوذُ بكَ مِن النَّارِ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ، وأسأَلُكَ أنْ تجعَلَ كلَّ قضاءٍ قضَيْتَه لي خيرًا).[١٣]
  • (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا معاشِي، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي الَّتي فِيهَا معادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لي مِن كُلِّ شَرٍّ).[١٤]
  • (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى).[١٥]
  • (اللَّهُمَّ أَعِنَّا على ذِكرِكَ وشُكرِكَ وحُسنِ عِبادتِكَ).[١٦]

المراجع

  1. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2357، حسنه الألباني.
  2. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3448، حسن.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
  4. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:2502، صححه الألباني.
  5. محمد الحسن الددو الشنقيطي، دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي، صفحة 13-16، جزء 40. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2735، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6340، صحيح.
  8. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1141، جزء 10. بتصرّف.
  9. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5915، صحيح.
  10. رواه أبو داوود، في صحيح أبي داود ، عن عبد الله بن السائب ، الصفحة أو الرقم:1892، صحيح .
  11. سورة البقرة، آية:158
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:1218، صحيح.
  13. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:869، صحيح.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2720، صحيح.
  15. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2721، صحيح.
  16. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1862، صحيح.