تكفير الذنوب والسيّئات
العمرة من أفضل القربات وأجلّ العبادات التي يجزي الله -تعالى- بها المعتمرين أجراً وثواباً عظيماً، ويرفع درجاتهم، ويُكفّر سيّئاتهم، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيانه أنّ العمرة إلى العمرة سببٌ في تكفير الذنوب والسيئات التي بينهما، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ).[١][٢]
وقد فهم العديد من أهل العلم أنّ المقصود هنا تكفير الصغائر، أمّا الكبائر فهي تحتاج إلى توبةٍ صادقةٍ إلى الله -سبحانه-، لقوله -تعالى-: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ)،[٣] ومثل ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ).[٤][٥]
العمرة في رمضان تعدل حجّة
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ثواب العمرة يتضاعف في شهر رمضان المبارك، فقد قال لعائشة -رضي الله عنها-: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فإنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً)،[٦] وقد علّق ابن الجوزي على ذلك فقال: "إن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد"، ولا يختصّ هذا الثواب بأيامٍ محدَّدةٍ في رمضان كالعشر الأواخر، بل هو عام في أي يومٍ من شهر رمضان المبارك.[٧]
وذهب الفقهاء الأربعة وغيرهم من العلماء إلى أنّ هذا الثواب يشمل جميع النّاس وليس خاصَّاً بفئةٍ دون غيرها، بدليل حرص الصحابة والتابعين والناس على مرّ العصور على أداء العمرة في رمضان، أمّا معنى أنّها تعدل حجّة فلا يعني ذلك أنّها تُجزئ عن الحجّ أو تُسقط فريضة الحج وتُبرئ ذمة صاحبها، بل المعنى أنّها تعدل الحجّ بالأجر والثواب العظيم بفضل الله وكرمه.[٨]
المتابعة بين الحج والعمرة تنفي الذنوب والفقر
جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إخباره بأنّ المتابعة بين الحجّ والعمرة سببٌ لنفي الفقر والذنوب عن صاحبها، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ وليسَ للحجِّ المبرورِ ثوابٌ دونَ الجنَّةِ).[٩]
ويُقصد بالمتابعة بين الحجّ والعمرة أن يجعل المسلم أحدهما تابعاً للآخر واقعاً بعده، فيفعل العمرة بعد الحج، ثمّ يفعل الحجّ بعد العمرة بشكلٍ متتابع، وقيل: المقصود إتباع أحدهما الآخر حتى وإن طالت المدّة الزمنية بينهما، وقول النبي الكريم: "فإنَّهما يَنفيانِ الفَقرَ والذُّنوبَ"؛ أي إنّ المتابعة بين الحجّ والعمرة سببٌ في ذهاب الفقر، وتكفير الذنب.[١٠]
فضائل أخرى للعمرة
نذكر من فضائل العمرة الأخرى ما يأتي:[١١]
- إكرام الله -سبحانه- لضيوفه المعتمرين
ويدلّ على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الغازي في سبيلِ اللهِ والحاجُّ والمعتمِرُ وفْدُ اللهِ، دعاهُم فأجابوهُ، وسألوهُ فأعطاهُم).[١٢]
- الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاةٍ فيما سواه
ويدل على ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (صلاةٌ في مسجِدي أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ إلَّا المسجدَ الحرامَ وصلاةٌ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ من مائةِ ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ).[١٣]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، صحيح.
- ↑ راشد العبد الكريم، الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية، صفحة 470. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية:31
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:233، صحيح.
- ↑ ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 163، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1256، صحيح.
- ↑ الصنعاني، التحبير لإيضاح معاني التيسير، صفحة 184، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ "معنى أن العمرة في رمضان تعدل حجة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 28/3/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه النسائي، في سنن النسائي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2630، قال الألباني حسن صحيح.
- ↑ "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 28/3/2023. بتصرّف.
- ↑ "فضل العمرة وثوابها"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 28/3/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2357، حسنه الألباني.
- ↑ رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1163، صححه الألباني.