واجبات العمرة للنساء

تعددت آراء الفقهاء في تحديد واجبات العمرة على وجه العموم؛ ولكنّهن اتفقوا على بعض الواجبات، ويمكن بيان ذلك على النحو الآتي:[١]

  • ذهب الحنفيّة إلى أنّ واجبات العمرة تكون بـ: السعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير (والتقصير في حقّ المرأة).
  • ذهب المالكيّة إلى أنّ واجبات العمرة تتلخص بواجب الحلق أو التقصير.
  • ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ واجبات العمرة تكون بـ: الإحرام من الميقات، أو من الحلّ، والحلق أو التقصير.


وبهذا يكون الإحرام من الميقات، أو من الحلّ، والحلق أو التقصير؛ مما ترجحّ عند الفقهاء أنّهما من واجبات العمرة، وأنّ ما سواهما -كالسعي بين الصفا والمروة- هو من أركان العمرة لا من واجباتها؛[٢] ويمكن بيان ما يتعلّق فيهما بالنسبة للنساء بالآتي:


الإحرام

يُقصد بالإحرام نيّة الدخول بالنُسُك بإجماع الفقهاء؛[٣] فيجب على الآفاقي -الذي يأتي لأداء العمرة من خارج المواقيت- في العمرة الإحرام من الميقات المكانيّ الخاص بأهل بلده؛ والمواقيت المكانيّة هي:[٤]

  • ذو الحليفة؛ لأهل المدينة المنورة ومن مرّ بها.
  • الجحفة؛ لأهل مكة المكرمة ومن جاء من قِبَلها.
  • قرن المنازل -ويسمى السيل كذلك-؛ لأهل نجد.
  • يلملم؛ لأهل اليمن.
  • ذات عرق؛ لأهل العراق وسائر أهل المشرق؛ وذلك لقول عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: (وَقَّتَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لأهْلِ المَدِينَةِ ذا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِ أهْلِهِنَّ لِمَن كانَ يُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ، فمَن كانَ دُونَهُنَّ، فَمُهَلُّهُ مِن أهْلِهِ، وكَذاكَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْها).[٥]


أمّا بالنسبة للميقاتي -الذي يكون من أماكن المواقيت، أو ما يحاذيها أو دونها-؛ فيكون إحرامه للعمرة من محل ما أنشئ عمرته، وأحرم بها؛ وأخيراً يكون إحرام الحرميّ -الذي يسكن مكة المكرمة أو من كان بها من غير أهلها-؛ من الحلّ، أيّ يجب عليه الخروج من الحرم إلى أدنى الحلّ ولو بخطوة واحدة، ويُحرم من هناك.[٤]


ويُجب على المرأة عند الإحرام تجنب شدّ النقاب على الوجه والرأس، وتغطية اليدين بالقفازين؛ ولا يجب عليها التجرد من المخيط كالرجل؛ وتُحرم بما شاءت من الثياب، على تبتعد عن محظورات الإحرام،[٦] كما يُسنّ لها الاغتسال استعداداً لأداء النُسُك، حتى وإن كانت حائضاً أو نفساء.[٧]


التقصير

يلزم المرأة عند تحللها من العمرة أن تُقصّر من شعرها، ولا يلزمها حلق شعرها كالرجل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ على النِّساءِ حَلقٌ إنَّما على النِّساءِ التَّقصيرُ)،[٨] ويكون تقصيرها بمقدار أُنملة؛ أيّ بقدر طرف الإصبع، فتجمع شعرها في يدها، ثم تأخذ من آخره قدر ما ذكرنا.[٩]


ولقد علّل بعض أهل العلم سبب وجوب التقصير على المرأة دون الحلق؛ بأنّ كثرة الشعر ووفرة الشعر وطول الشعر من الأمور التي تعد جمالاً للمرأة، كما أنّ في حلقها تشبّه بالرجال، وقد نُهيت عن ذلك.[١٠]


حكم من ترك واجباً من واجبات العمرة

ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ من ترك واجباً من واجبات العمرة عالماً بالحكم، متعمداً وقاصداً لذلك، غير ناسٍ؛ فعمرته صحيحة إلا أنّها ناقصة، ويُعدّ آثماً على هذا الفعل، ولا تلزمه الكفارة، ومن ترك ذلك ناسياً جاهلاً غير متعمّد للترك؛ فإنّ عمرته صحيحة، ولا إثم أو فدية عليه؛ ولكن فاته الأكمل والأفضل.[١١]


بينما ألزم بعض أهل العلم من ترك واجباً من واجبات العمرة الكفارة؛ استدلالاً بآية الفديّة التي تلزم من كان في رأسه أذىً، لم يمكّنه من الحلق؛ قال -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ...)؛[١٢] وبهذا أفتى ابن عباس -رضي الله عنه-، ولم يعارضه أحدٌ من الصحابة؛ وبه أفتى جماهير السلف والخلف.[١٣]

المراجع

  1. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2244، جزء 3. بتصرّف.
  2. عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 16، جزء 25. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 81-82، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 319-320، جزء 30. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1526، صحيح.
  6. عبد الله الطيار، وبل الغمامة في شرح عمدة الفقه لابن قدامة، صفحة 86، جزء 3. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 82-83، جزء 2. بتصرّف.
  8. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1984، قال الألباني صحيح لغيره.
  9. أحمد حطيبة، كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 20، جزء 20. بتصرّف.
  10. ابن عثيمين، لقاء الباب المفتوح، صفحة 21، جزء 221. بتصرّف.
  11. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 238، جزء 3. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية:196
  13. محمد بن محمد المختار الشنقيطي، شرح زاد المستقنع، صفحة 24، جزء 127. بتصرّف.