إنّ العمرة شعيرةٌ من شعائر الله، ونُسكٌ يقصد المسلم عند تأديته بيتَ الله الحرام؛ طلبًا لرضاه، وطمعًا في الأجر والثواب منه -سبحانه وتعالى-، وقد جعل الله -تعالى- للعمرة فضلًا عظيمًا، ومن فضل أدائها في شهر رمضان خاصَّةً؛ أنّها تعدل حجَّةً، فما المراد بأنّ العمرة في رمضان تعدل حجَّةً؟ وما الفضل الذي رتّبه الله -تعالى- على العمرة؟ آتيًا بيان ذلك.


العمرة في رمضان تعدل حجَّةً

أخرج الإمام البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنّه قال: (لَمَّا رَجَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن حَجَّتِهِ قالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: ما مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قالَتْ: أبو فُلَانٍ -تَعْنِي زَوْجَهَا- كانَ له نَاضِحَانِ، حَجَّ علَى أحَدِهِمَا، والآخَرُ يَسْقِي أرْضًا لَنَا، قالَ: فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً -أوْ حَجَّةً مَعِي-)؛[١] وفي هذا دلالةٌ على فضل العمرة، وعظيم ثوابها، وذكر العلماء أنّ المراد بقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن العمرة إنّها تعدل حجَّةً أو تقضي حجَّةً معه؛ لا أنّ العمرة في رمضان تساوي الحجّ في الثواب والأجر، ولا أنّها تُسقط فرض الحجّ عمّن لم يؤدّه ويقوم مقامه، وإنّما أراد -عليه الصلاة والسلام- تسلية أمّ سنان -رضي الله عنها- التي فاتها الحجّ معه، وأن يرشدها إلى عملٍ ذي فضلٍ عظيمٍ وثوابٍ كريمٍ، وهو: العمرة في شهر رمضان، من باب الترغيب على فعل الخير، ولا خلاف بين العلماء أنّ لرمضان خُصوصيَّةٌ؛ لأنّه من الأوقات المباركة التي تُضاعف فيها الأجور بإذن الله -تعالى-، ويستحبّ فيه الإكثار من الأعمال الصالحات.[٢]


فضل العمرة وثوابها

خصّ الله -تعالى- العمرة والحجّ بفضلٍ عظيمٍ، ورتّب على فعلهما أجرًا عظيمًا، وقد جاءت أحاديث نبويَّةٌ عديدةٌ تبيّن هذا الفضل والأجر، ومن فضل العمرة ما يأتي:[٣][٤]

  • العودة من العمرة والحجّ بلا ذنوبٍ: فقد ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (مَن أَتَى هذا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كما وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)،[٥] ومن العلماء من قال: إنّ اللفظ يشمل الحجّ والعمرة.
  • العمرة إلى العمرة كفَّارةٌ: فإنّ من أدّى عمرتين متتابعتين، كان ذلك سببًا لتفكير ما بدر من المسلم من ذنوبٍ بينهما.
  • المتابعة بين العمرة والحجّ تنفي الفقر والذنب: رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ المسلم الذي يتابع بين العمرة والحجّ، ويؤدّي أحدهما ثمّ يؤدّي الآخر -ولو فصل بينهما زمنٌ-؛ فإنّ ذلك سبيلٌ -بإذن الله- لإزالة الفقر والذنب.[٦]
  • المعتمر والحاجّ وفد الله: أي أنّ الله -تعالى- يختصّ المعتمر والحاجّ بحفظه، ويمدّهم بالعون منه، ويكرمهم بثوابٍ عظيمٍ؛ لأنّهم خرجوا في سبيله، قاصدين بيته الحرام، مبتغين رضاه وفضله، ومن ذلك ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (وفدُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ثلاثةٌ: الغازي، والحاجُّ، والمعتَمِرُ).[٧]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1863، حديث صحيح.
  2. "شرح حديث: عمرة في رمضان تقضي حجة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/10/2022. بتصرّف.
  3. سعيد بن وهف القحطاني، الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 12-17. بتصرّف.
  4. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 222-223. بتصرّف.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1350، حديث صحيح.
  6. "شرح حديث: تابعوا بين الحج والعمرة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/10/2022. بتصرّف.
  7. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2625، صححه الألباني.