هل العمرة واجبة؟

أجمع الفقهاء على مشروعية العمرة وفضلها، وتعددت أقوالهم في حكمها بين السنية والوجوب، وآتياً عرض أقوالهم مع الأدلة:[١][٢]


الحنفية والمالكية: العمرة سنة

قال الحنفية والمالكية أن العمرة سنة مؤكدة مرة واحدة في العمر؛ لأن الأحاديث التي ثبتت في تعداد فرائض الإسلام لم تذكر العمرة من بينها، كحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[٣]وللاقتصار في الذكر على الحج دون العمرة في قوله -تعالى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)،[٤] فذُكر الواجب وهو الحج، ولأن الأصل براءة الذمة في التكاليف الشرعية، وعدم الوجوب حتى يرد الدليل، وليس للعمرة دليلٌ يبيّن وجوبها.[١][٢]


الشافعية والحنابلة: العمرة واجبة

قال الشافعية والحنابلة أن العمرة واجبة مرة واحدة في العمر؛ فهي فرض كالحج، لقوله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه)،[٥] حيث أمر الله -جل وعلا- في هذه الآية بأداء العمرة تامتيْن، ودلّ فعل الأمر (وأتموا) على وجوب الحج والعمرة معاً، وما جاء في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! هل على النساءِ من جهادٍ ؟ قال : عليهنَّ جهادٌ لا قتالَ فيه ؛ الحجُّ والعُمرةُ)،[٦] فدلّ ذلك على وجوب العمرة.[١][٢]


فضائل العمرة

إن العمرة من أجلّ القربات وأعظم العبادات، التي يتقرب بها العبد إلى ربه -جلّ وعلا-، ويترتّب على أدائها العديد من الفضائل والأجور، دلّت عليها أحاديث صحيحة، وفيما يلي بيان أبرز فضائلها:[٧]


تكفير الذنوب والخطايا

تعدّ العمرة من العبادات التي وعد الله -تعالى- عباده بأدائها مغفرة ذنوبهم وتكفيرها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا...)،[٨] وهذه المغفرة شاملة لصغائر الذنوب دون كبائرها.[٧]


زوال الفقر

إن العمرة وأداء متابعتها بين الحين والآخر سببٌ لزوال الفقر عن صاحبها وإبعاد الحاجة عنه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ والذَّهبِ والفضَّةِ).[٩][٧]


المعتمر ضيف الله

إن المعتمر له مكانة وقدر عند الله -جلا وعلا- برفعه إلى منزلة الغازي المجاهد في سبيل الله، وقد اختصّ الله -تعالى- المعتمر بأنه ضيفٌ ووفدٌ له، فوعده بإكرامه وحفظه وإعانته وقبول سؤاله، فهو خرج في سفره قاصداً وطالباً لقاء الله -عزّ وجلّ-، وابتغاء مرضاته، والله -تعالى- أجابه وأعطاه، جاء في الحديث: (الغازي في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، والحاجُّ ، والمعتمِرُ ، وفْدُ اللهِ دعاهم فأجابوهٌ ، وسألُوهُ فأعطاهم).[١٠][٧]


المراجع

  1. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2075. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 13-14. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:8، حديث صحيح.
  4. سورة آل عمران، آية:97
  5. سورة البقرة، آية:196
  6. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1099 ، حديث صحيح.
  7. ^ أ ب ت ث سعيد القحطاني، العمرة والحج والزيارة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 14-16. بتصرّف.
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، حديث صحيح.
  9. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2630، حسن صحيح.
  10. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4171، صحيح الجامع.