حكم لبس الجوارب للرجل في العمرة

لا يجوز للرجل المُحرِم في العمرة أن يلبس الجوربين، لأنّهما من المخيط الذي نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لبسه، فإن كان بحاجةٍ إلى لبسه جاز له ذلك، ولكن تلزمه الفدية، وهي على التخيير؛ فإمّا أن يُطعم ستّة مساكين، أو يذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، فيفعل ما يشاء من هذه الثلاثة.[١]


وقد جاء في فتاوى دائرة الإفتاء السعودية: "لا يجوز للرجل لبس الشراب وهو محرم بالحج أو العمرة، فإن احتاج إلى لبسها لمرض ونحوه جاز ووجب عليه فدية، وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر ونحوه، أو ذبح شاة".[٢]


ويجدر بالذّكر أنّ جواز لبسهما مع لزوم الفدية متعلِّقٌ بوجود الحاجة إليهما، وإلا فالأصل أن يلبس الرجل نعلين، ومثال الحاجة إليهما أن يلبسهما للمداواة، أو بسبب البرد أو الحرّ، ونحو ذلك من الأسباب، ويدلّ على لزوم الفدية عليه قول الله -تبارك وتعالى-: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).[٣][٤]


ولا يُشترط للمحرم أن يقص جواربه إلى ما دون الكعبين في حال كان محتاجاً إليهما، ولكن إنْ قطع جواربه إلى ما دون الكعبين فيجوز له لبسهما ولا شيء عليه حينها، لأنّها أشبهت بالنّعلين، ولزوال معنى المخيط عنها، فلا تلزمه الفدية، أمّا إن كان الجورب كاملاً يضمّ الكعبين فتلزمه الفدية على التخيير المذكور سابقاً.[٥]


حكم لبس الجوارب للمرأة في العمرة

يجوز للمرأة المُحرمة بالعمرة أن تلبس الجوارب أو الخفّين ونحوهما، بل هو الأكمل والأفضل حتى تستر قدميْها، ولا شيء عليها، فالمخيط من محظورات الإحرام الخاصة بالرجال، ولكنّها تمتنع عن أمريْ اثنين، وهما: لبس النقاب ولبس القفّازين، فقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة أن تلبسهما في إحرامها، ولكن لا بأس أن تُسدلَ شيئاً على وجهها إسدالاً عند مرورها بجانب الرّجال.[٦]


حكم لبس الخف للمعتمر إذا لم يجد النعلين

السُّنة أن يلبس الرجل النّعلين في إحرامه حتى يتوقّى الأذى والحر والشوك ونحوه، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (... ليُحْرِمَ أحدُكُم في إزارٍ ورداءٍ ونعلَينِ...)،[٧][٨] فإنْ لم يجد النّعال فقد تعدّدت آراء الفقهاء في صفة لبسه للخفّين، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[٩]

  • قول جمهور الفقهاء

ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنّ مَنْ لم يجد النّعلين فيقطع الخفّين من الأسفل ويلبسهما، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ).[١٠]


والكعب الذي يتمّ قطع الخفّين أسفل منه عند المالكية والشافعية هو العظمان البارزان عند مفصل القدم والساق، وفسّره الحنفية بالمفصل الموجود في وسط القدم عند مقعد الشّراك -أي مجمع الساق والقدم-.


  • قول الحنابلة

ذهب الحنابلة إلى القول بعدم قطع الخفّين، واستدلّوا بعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، ومَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ).[١١]


وقد ألحق جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة كل ما يستر القدمين ستر إحاطة بالخفّين، فقالوا بعدم جواز لبسه إلا إذا فقد المُحرم النّعلين، فإن لبس شيئاً من ذلك ثمّ وجد النعلين وجب عليه خلعه، فإن لبسه لحاجةٍ كالتداوي فلا بأس وتلزمه الفدية، وأجاز الحنفية للمحرم لبس كلّ ما كان غير ساترٍ للكعبين على الإطلاق.[٩]

المراجع

  1. محمد صالح المنجد، الإسلام سؤال وجواب، صفحة 3916، جزء 5. بتصرّف.
  2. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى اللجنة الدائمة، صفحة 184، جزء 11.
  3. سورة البقرة، آية:196
  4. "المحرم إذا لبس الجورب الطبي"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/5/2023. بتصرّف.
  5. عبد المحسن العباد، شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 51، جزء 230. بتصرّف.
  6. "لبس النعلين والجوارب للمحرم"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 16/5/2023. بتصرّف.
  7. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:278، أخرجه في صحيحه.
  8. "لبس النعلين والجوارب للمحرم"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 16/5/2023. بتصرّف.
  9. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 153-154، جزء 3. بتصرّف.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1543، صحيح.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1843، صحيح.