حكم لبس سروال داخلي للرجل المُحرم

إذا أحرم الرجل المسلم فإنّه يتوجب عليه أن يتجرد من جميع الملابس المخيطة؛ التي تُفصل البدن أو أي عضو من الأعضاء، ثم بعد ذلك يرتدي ملابس الإحرام الخاصّة به، من إزار ورداء ساترين نظيفين؛ فلا يجوز لبس المخيط أسفلهما، كما لا يجوز لبس السراويل الداخليّة دون عذر معتبر؛ إذ إن ذلك يعدّ من محظورات الإحرام.[١]


وذلك لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تحديد المحظور من اللباس على الرجل المُحرم، حيث: (لا تَلْبَسُوا القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ، إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ ولَا الوَرْسُ)؛[٢] فالسراويلات يُقصد بها -بحسب ما تعارف عليه الناس- اللباس الذي يُلبس في موضع الإزار؛ أيّ أسفل البدن، ويكون لها ساقان ليتمّ ارتداؤها في القدمين، وقد كان يُطلق عليها عند السلف قديماً اسم "تبّان".[٣]


وقد أشار بعض أهل العلم إلى أنّ بعض ملابس الإحرام المستحدثة والموجودة في الأسواق، يُجعل فيها بطانة داخلية على هيئة سروال داخليّ؛ فقالوا إن كانت تُفصل البدن، أو تكون على قدر الأعضاء فلا يجوز لبسها، أمّا إن كانت لا تُفصل الأعضاء، أو كانت مجرد بطانة داخليّة لملابس الإحرام فلا بأس بارتدائها، وإن كان الأولى تجنّبها، والإعراض عن شرائها.[١]


حكم لبس سروال داخلي للمرأة المُحرمة

أباحت الشريعة الإسلاميّة للمرأة المُحرمة أن تلبس ما شاءت من الثياب الساترة في إحرامها، والتي لا تشابه لباس الرجال؛ فلها أن تحرم بثيابها دون أن تطبق عليها أحكام المخيط كما الرجال؛ إلا أنّها لا تنتقب ولا ترتدي القفازات،[١] والدليل على أنّ إحرام المرأة في وجهها وكفّيها قوله -صلى الله عليه وسلم-: (... ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ).[٤][٥]


ويجوز للمرأة المُحرمة أن تُسدل على وجهها ما يغطيه دون أن يكون ملاصقاً له، أو أن يكون مشدوداً على رأسها؛ بدلالة ما جاء عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كان الرُّكبانُ يَمُرُّون بنا، ونحن مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مُحرِماتٌ، فإذا حاذَوْا بنا، أسدَلَتْ إحْدانا جِلْبابَها من رَأسِها على وَجْهِها، فإذا جاوَزونا كَشَفْناهُ)،[٦] وما جاء عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-: (كنَّا نُغَطِي وجوهَنا منَ الرجالِ، وكُنَّا نَمْتَشِطُ قبْلَ ذلِكَ في الإحرامِ).[٧][٨]


حكم لبس المخيط في الإحرام بعذر أو بغير عذر

ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المُحرم إذا لم يجد الإزار والرداء جاز له لبس ما يجده من المخيط، كالسراويل والقمصان نحوها من المخيط، ولا يُشترط لذلك شقّها، وجعلها كالإزار أو الرداء، كما لا تجب عليه الفديّة بهذا الفعل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لجموع المسلمين في خطبة عرفة: (مَن لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، ومَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ)،[٩] ولو وجبت الفديّة لبيّنها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه.[١٠]


ولكن تجب الفديّة على من لبس المخيط عامداً قاصداً مختاراً لذلك، عالماً بالحكم، سواء قصرت المدّة أم طالت،[١١] وكذلك تجب على من لبس المخيط لعذر معتبر؛ فتجب عليه الفديّة قياساً على فديّة الحلق في حال وجود الأذى، والواردة في قوله -تعالى-: (... وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).[١٢][١٣]

المراجع

  1. ^ أ ب ت أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 6، جزء 41. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5803، صحيح.
  3. عطية سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 167، جزء 4. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1838، صحيح.
  5. حسين العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، صفحة 316، جزء 4.
  6. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1833، قال الألباني إسناده حسن بشواهده.
  7. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:355، أخرجه في صحيحه وقال الألباني صحيح على شرط الشيخين.
  8. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 215، جزء 2. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1843، صحيح.
  10. كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 200، جزء 2. بتصرّف.
  11. أحمد حطيبة، آداب العمرة وأحكامها، صفحة 9، جزء 2. بتصرّف.
  12. سورة البقرة، آية:196
  13. مجموعة من المؤلفين، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 61، جزء 18. بتصرّف.