يعدّ وضع الطيب والعطر من محظورات الإحرام؛ أي يحرم على المحرم بالحجّ أو العمرة فعلها بعد إحرامه،[١] أمّا وضع الطيب والعطر من دهن عودٍ أو مسكٍ أو غيرهما قبل الإحرام، فقد تعدّدت أقوال الفقهاء فيه؛ فجمهور الفقهاء على استحباب وضع المحرم للطيب والعطر على بدنه قبل الإحرام، كما تطيب وتعطير المحرم لثيابه قبل الإحرام؛ فذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جوازه،[٢] وفيما يأتي تفصيل أقوالهم وأدلتهم.


وضع دهن العود قبل الإحرام

حكم وضع دهن العود على البدن قبل الإحرام

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة، وجملةٌ من علماء السلف إلى القول باستحباب وضع المحرم للطيب على جسده قبل إحرامه؛ استعدادًا للدخول في الإحرام، حتى وإن بقي لهذا الطيب أثرٌ على المحرم بعد الدخول في الإحرام، واستدلوا على ذلك بجملةٍ من الأدلة، منها:[٢]

  • ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ)؛[٣] فالحديث يبيّن أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- تطيّب قبل إحرامه، وتطيّب بعد التحلّل من الإحرام.
  • ما أخرجه البخاري ومسلم من رواية أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى وَبِيصِ الطِّيبِ في مَفَارِقِ رَسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو مُحْرِمٌ)؛[٤] والوبيص: أثر الطيب وبريقه، فالحديث يبيّن أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وضع الطيب على رأسه قبل إحرامه؛ لأنّ عائشة -رضي الله عنها- رأت بريقه وأثره في مفارق النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ أي جوانب رأسه.[٥]
  • ما روته عائشة -رضي الله عنها- حكايةً عنها وعن نساءٍ خرجن مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لأداء العمرة أو الحجّ، وقد وضعوا على مقدمة رؤوسهنّ طيبًا، كما جاء في قولها -رضي الله عنها-: (كنَّا نخرجُ معَ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إلى مَكَّةَ فنضمِّدُ جباهَنا بالسَّكِّ المطيَّبِ عندَ الإحرامِ فإذا عرِقَت إحدانا سالَ علَى وجهِها فيراهُ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فلا يَنهاها).[٦][٧]


حكم وضع دهن العود على الثياب قبل الإحرام

ذهب الشافعيَّة والحنابلة إلى القول بجواز وضع الطيب أو العطر على لباس الإحرام قبل الإحرام، حتى وإن بقي أثره ورائحته على لباس الإحرام، حيث قاسوا الثوب على البدن؛ أي أنّه كما يجوز بقاء أثر الطيب الموضوع قبل الإحرام على البدن، يجوز وضعه على لباس الإحرام وإن بقي أثره، إلّا أنّهم نبّهوا إلى أنّ لباس الإحرام إذا نزع لباس الإحرام بعد إحرامه أو سقط منه، فلا يجوز له أن يعود إلى لبسه إذا كانت رائحة الطيب ما زالت عالقةً فيه، أمّا الحنفيّة والمالكيَّة؛ فلم يُجيزوا للمحرم أن يضع على ثياب الإحرام طيبًا قبل إحرامه.[٨]


محظورات الإحرام

يعدّ وضع الطيب للمحرم بعد إحرامه من قبيل محظورات الإحرام التي يحرم ويُحظر على المحرم أن يفعلها أو يأتيها بعد إحرامه، وهناك محظوراتٌ أُخرى للإحرام، وهي:[١]

  • إزالة الشعر من جميع البدن.
  • تقليم أظافر اليدين أو القدمين.
  • لبس المخيط من الثياب للرجال.
  • تغطية الرأس للرجال.
  • تغطية الوجه للنساء.
  • الجِماع.
  • قتل الصيد.

المراجع

  1. ^ أ ب عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 38-40. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "حكم الطيب قبل الإحرام"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2022. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1539، حديث صحيح.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1538، حديث صحيح.
  5. "شرح حديث: كأني أنظر إلى وبيص الطيب"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2022. بتصرّف.
  6. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1830، صححه الألباني.
  7. "شرح حديث: كنا نخرج مع النبي إلى مكة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 14/9/2022. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 161. بتصرّف.