وضع واقي الشمس أثناء الإحرام

قاس العلماء المتأخرون استعمال واقي الشمس للمُحرم على استعمال الدّهن؛ على اعتبار أنّهما يتكونان من مواد زيتيّة قابلة للادّهان على الجسم؛[١] وفيما يأتي تفصيل آراء الفقهاء في هذه المسألة:[٢]

  • اتفق جمهور الفقهاء على أن استعمال الدّهن المطيّب حال الإحرام غير جائز؛ فإذا كان واقي الشمس مطيّباً لم يجز استعماله حال الإحرام.
  • تعددت آراء الفقهاء في حكم استعمال الدّهن غير المطيّب حال الإحرام؛ وذلك على النحو الآتي:
  • ذهب الحنفيّة والمالكية إلى عدم جواز استعمال الأدهان غير المطيّبة -حال الإحرام-؛ سواء أكان في البدن، أو في الرأس واللحية؛ إلا إذا دعت إلى ذلك ضرورة مُلحّة ومعتبرة شرعاً؛ جاز عندهم استعمالها.
  • ذهب الشافعيّة إلى جواز استعمال الأدهان غير المطيّبة -حال الإحرام- إذا كانت في بدن المُحرم، ويُحرم وضعها على شعر الرأس واللحية؛ استدلالاً بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وادهانه بزيت غير مطيّب وهو مُحرم.
  • ذهب الحنابلة إلى جواز استعمال الأدهان غير المطيّبة -حال الإحرام-؛ في سائر البدن.


خلاصة الحكم

بناءً على ما تقدّم؛ فإنّه يجوز وضع الكريم الواقي من الشمس أثناء أداء مناسك الحج والعمرة؛ سواء للمرأة أو للرجل، على أن يكون غير مطيّب -على مذهب الشافعيّة والحنابلة-؛ فإن كان لضرورة مُعتبرة كالتداوي، أو التأذي الشديد من الشمس، أو تهيّج البشرة أو نحو ذلك؛ جاز استعمال واقي الشمس غير المطيّب باتفاق الجمهور، ولا تلزم الفديّة على فعل ذلك، أمّا إن كان مطيّباً جاز استعماله أثناء الإحرام للضرورة، ولكن تلزم الفديّة على إتيّان هذا المحظور، باتفاق العلماء أيضاً.[١]


وضع واقي الشمس قبل الإحرام

من الجدير بالذكر أنّ وضع الطيب، والأدهان المطيّبة قبل الإحرام وعقد نيّة النُسك جائز لا حرج فيه؛ وذلك للمرأة والرجل على حدٍ سواء، إلا أنّ طيب المرأة؛ مما يُرى أثره، ولا تظهر رائحته؛ بدلالة قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كنَّا نخرجُ معَ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- إلى مَكَّةَ فنضمِّدُ جباهَنا بالسَّكِّ المطيَّبِ عندَ الإحرامِ، فإذا عرِقَت إحدانا سالَ علَى وجهِها، فيراهُ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فلا يَنهاها).[٣][٤]


الحكمة من تحريم الطيب ونحوه على المُحرم

بحث بعض أهل العلم في الحكمة من تحريم الطيب والتزيّن بالأدهان والملابس المطيّبة؛ فقالوا إنّ السبب في ذلك:[٥]

  • إنّ الطيب ينافي تذلّل المُحرم؛ وفيه تزيّن في غير موطنه؛ إذ إنّ الأصل في المُحرم الشعث والتجرّد، والحرص على إظهار الافتقار لله -تعالى-، في مكان كهذا، وفي موضع كهذا؛ بدلالة ما أشار إليه الحديث القدسي؛ فيما يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربّه -سبحانه-؛ فيقول: (... انظُروا إلى عبادِي، أتوْنِي شُعْثًا غُبْرًا).[٦]
  • إنّ الاستغناء عن الطيب يجعل همّة المُحرم تتجه نحو الآخرة؛ فيصرف قلبه عن ملذات الدنيا وزينتها، وينشغل بما هو باقٍ دائمٍ نافع.[٧]
  • إنّ الطيب من دواعي الجماع والوقاع؛ فيكون سبباً لإتيان محظور من محظورات النُسُك؛ إذ يهيج شهوة الرجل تجاه امرأته، ويُحرّك شهوة المرأة تجاه زوجها، ولكنّ بعض أهل العلم اعترضوا على هذا القول بأنّه رأي ضعيف؛ لأنّ المُحرم قد يكون أعزباً يستبعد وقوعه بالجماع أثناء إحرامه، كما قد يكون مُحرماً ومسافراً من دون اصطحاب زوجته.

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 19910، جزء 11. بتصرّف.
  2. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 33-34، جزء 21. بتصرّف.
  3. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1830، صحيح.
  4. السبكي، محمود خطاب، الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق، صفحة 46، جزء 9. بتصرّف.
  5. حسن أبو الأشبال الزهيري، شرح صحيح مسلم، صفحة 17، جزء 23. بتصرّف.
  6. رواه الإمام أحمد ، في المسند، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:7089، صحيح.
  7. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 136، جزء 2. بتصرّف.