الميقات الزماني هو الزمن أو الوقت الذي حددته الشريعة الإسلامية لأداء عبادة معينة، وقد اشتهر إطلاق لفظة الميقات؛ سواء الميقات الزماني أو المكاني على عبادتي الحج والعمرة.


الميقات الزماني للعمرة

إن الميقات الزماني لأداء عبادة العمرة العام كله، فيُشرع الإحرام بها وأدؤها في أي يوم من أيام العام؛[١] وذلك لعدم ورود دليل يخصّص فعلها في أوقاتٍ معينةٍ من العام كالحج، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حضّ على العمرة، وحثّ على فعلها دون أن يبيّن وقتٌ خاصٌ من العام يجب أن يُفعل به العمرة ويحرم بها، فدلّ ذلك على استحبابها في كل وقت.[٢]


فقال -عليه الصلاة والسلام-: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا...)،[٣]إلا أن أهل العلم نصّوا على عدم صحة الإحرام بالعمرة لمن كان محرماً بالحج أو العمرة؛[٤] كأن يكون المسلم كان قد أحرم بالحج أو بالعمرة ثم أحرم مرة أخرى بالعمرة، ففي هذه الحالة لا ينعقد إحرامه بالعمرة الثانية، فلا يصح منه العمرة حتى ينتهي من أعمال الحج أو العمرة، كما لو أحرم بعمرتين مرة واحدة، فينعقد إحرامه بإحداهما وتُلغى الأخرى.[٥]


كما وقد نصّ الحنفية خلافاً للجمهور على أوقاتٍ معينةٍ من العام يٌكره الإحرام بالعمرة فيها؛ وهي: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة،[٥] وقد استدلوا على ذلك بقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "حلّت العمرة في السنة كلها إلا أربعة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، ويومان بعد ذلك"، فقالوا أن هذه الأيام هي أيام فعل الحج والانشغال بمناسكه، والعمرة فيها قد تشغلهم عنه، ويمكن أن يقع خللٌ وخطأ في الحج، فكرهوا فعلها في هذه الأيام، وقال الجمهور بعدم الكراهة لعدم وجود دليل يدلّ على ذلك.[٢]


رمضان أفضل وقتٍ لفعل العمرة

ذهب جماهير الفقهاء إلى استحباب أداء العمرة في شهر رمضان، وندب فعلها فيه على باقي أيام السنة،[٦] وذلك للحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري في رواية ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (لَمَّا رَجَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن حَجَّتِهِ قالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: ما مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قالَتْ: أبو فُلَانٍ -تَعْنِي زَوْجَهَا- كانَ له نَاضِحَانِ، حَجَّ علَى أحَدِهِمَا، والآخَرُ يَسْقِي أرْضًا لَنَا. قالَ: فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً -أوْ حَجَّةً مَعِي-).[٧]


ففي هذا الحديث دلالة على فضل العمرة في رمضان على غيرها من أشهر السنة؛ لخصوصيته ومضاعفة الأجور والحسنات فيه؛ فهو من الأوقات المباركة التي جاء الحث على إكثار الأعمال الصالحة فيه، كما أنه لا يدلّ قوله -عليه الصلاة والسلام- "فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً -أوْ حَجَّةً مَعِي-"، أن العمرة في رمضان تسقط فريضة الحج، أو تجزئ عنها، بل القصد بيان زيادة ثواب العمرة في رمضان وفضلها، لشرف الوقت الذي عُملت فيه، وهو من باب الترغيب والإرشاد إلى فعل الخير في رمضان، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قام بتسلية أم سنان ومواساتها بعمل يعدل في ثوابه فعل الحج؛ لفواتها الحج معه.[٨][٩]



المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، مجلة مجمع البحوث الإسلامية، صفحة 571. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 144. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1773، حديث صحيح.
  4. حسن أبو الأشبال الزهيري، شرح صحيح مسلم، صفحة 20. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 616-617. بتصرّف.
  6. "الفصل الأوَّل: مواقيتُ الحَجِّ الزَّمانيَّة"، الدرر السنية الموسوعة الفقهية، اطّلع عليه بتاريخ 2/11/2022. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1863، حديث صحيح.
  8. "شروح الأحاديث"، الدرر السنية الموسوعة الحديثية، اطّلع عليه بتاريخ 2/11/2022. بتصرّف.
  9. عبد الرؤوف المناوي، فيض القدير، صفحة 361. بتصرّف.