هل الهدي واجب على الحاج؟
إذا كان ذبح الهدي للتطوّع فهو سُنَّةٌ في حقّ الحاج، سواء كان مفرداً أم متمتِّعاً أم قارناً،[١] أمّا الهدي الواجب على الحاجّ في مختصٌّ في خمس حالات سيتمّ بيانها في المقال لاحقاً، وهي:[٢]
- إذا كان الحاجّ متمتِّعاً أو قارناً.
- إذا ترك واجباً من واجبات الحج.
- إذا ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام -على تفصيلٍ سيأتي بيانه لاحقاً-.
- في حالة الإحصار؛ أي إذا طرأ على الحاجّ مانعاً يمنعه من دخول البيت وأداء الحجّ.
- في حالة الصيد المُحرَّمِ على المُحرِم بالحجّ.
التفصيل بأنواع الهدي الواجب على الحاج
هدي التمتّع والقِران
أجمع العلماء على وجوب ذبح الهدي للحاجّ المتمتّع والقارن إن كان قادراً على ذلك، بدليل قول الله -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)،[٣][٤] فإن لم يكن الحاجّ قادراً على ذلك؛ كأن لا يكون معه المال الكافي لذلك، فعليه صيام عشرة أيام عوضاً عن ذلك، لقول الله -تعالى-: (... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ).[٣][٥]
ما يُذبح بسبب ترك واجب
إذا ترك الحاجّ واجباً من واجبات الحجّ فعليه دم باتفاق الفقهاء الأربعة، ويدلّ على ذلك ما يأتي:[٦]
- من القرآن
قول الله -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)،[٣] ووجه الدلالة هو أنّ وجوب الهدي على المتمتّع كان بسبب تركه لواجب الإحرام للحجّ من الميقات، ويُقاس عليه كل مَن ترك واجباً.
- من الأثر
يقول عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: "من نسي شيئا من نسكه، أو تركه فليهرق دما"، ومثل هذا القول يأخذ حكم الرّفع، لأنّه لا يُقال بالرأي، ولا يُعلم له مخالفٌ من الصحابة، وعلى ذلك انعقدت فتاوى التابعين والأمة من بعدهم.
ما يُذبح لفعل محظور من محظورات الإحرام
إذا فعل الحاجّ محظوراً من محظورات الإحرام فتجب عليه الفدية، ويُستثنى من هذه المحظورات إجراء عقد الخطبة والنّكاح، فهذا لا فدية فيه ولكن صاحبها يؤثم، أمّا الفدية الواجبة بسبب فعل محظورٍ من محظورات الإحرام ففيها تفصيلٌ كما يأتي:[٧]
- الفدية المغلّظة
يُقصد بالفدية المغلّظة هُنا ذبح بدنة، وتجب الفدية المغلّظة على الحاجّ إذا فعل محظوراً معيَّناً من محظورات الإحرام؛ وهو الجماع، بشرط أن يكون ذلك قبل التحلّل الأول في الحجّ.
- الفدية على التخيير
إذا فعل الحاجّ أيّ محظورٍ من محظورات الإحرام -سِوا ما تمّ ذكره سابقاً- فعليه الفدية على التخيير بين ثلاثة أمور، وهي: إطعام ستّة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاةٍ وتوزيعها على فقراء مكة، ويدلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (... وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).[٨]
ما يُذبح بسبب الإحصار
مَن أحرم بالحجّ ثمّ منعه مانِعٌ من دخول البيت وأداء الحجّ فهو مُحصر، ويجب عليه الهدي بعد أن يتحلّل، لقول الله -عز وجل-: (... فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ...)،[٩] وهذا في حال لم يشترط في إحرامه بقوله بعد نية الإحرام: "إن حبسني حابسٌ فمحلِّي حيث حبستني"، وإلا فهو غير مخاطب بهذه الآية بحسب قول العديد من العلماء، ويُذبح هذا الهدي في مكان الإحصار، بخلاف غيره فيُذبح في الحرم.[١٠]
ما يُذبح جزاءً للصيد
يحرم على الحاجّ صيد المأكول من الطير والحيوانات البرية الوحشية، لقوله -تعالى-: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا)،[١١] ويجب عليه ضمان هذا الصيد،[١٢] وقد فصّل الله -سبحانه- فدية صيد المُحرم في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ...).[١٣]
المراجع
- ↑ "ذبح الهدي"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/5/2023. بتصرّف.
- ↑ "الهدي الواجب على الحاج، ومكان ذبحه"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 22/5/2023. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سورة البقرة، آية:196
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 43-44، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ صالح المغامسي، آيات الحج في القران الكريم، صفحة 5، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي السقاف، الموسوعة الفقهية، صفحة 169، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين، دروس للشيخ العثيمين، صفحة 3، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:196
- ↑ سورة البقرة، آية:196
- ↑ صالح المغامسي، آيات الحج في القران الكريم، صفحة 3، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:96
- ↑ أحمد حطيبة، آداب العمرة وأحكامها، صفحة 11، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية:95