إنّ الحجّ والعمرات من شعائر الإسلام، وهما عبادتان من أجلّ العبادات، يقصد المسلمون لأدائهما بيت الله الحرام في مكّة المكرّمة، ويُطلق على نيّة نُسك الحجّ والعمرة، والدخول به: الإحرام في مواقيت زمانيّة ومكانيّة معيَّنةٍ، وقد حدّد الشرع له شروطًا وأحكامًا، ومنها أنّه بمجرّد دخول المسلم فيه -أي في الإحرام-؛ تحرم عليه جملةٌ من الأمور التي كانت حلالًا عليه قبل الإحرام،[١] ومنها التطيّب ووضع العطر، وفيما يأتي تفصيلٌ عن هذه الجزئية، وبعض ما يتّصل بمحظورات الإحرام الأخرى.


حكم وضع العطر على ملابس الإحرام

وضع العطر على ملابس الإحرام بعد الإحرام

يحرم على المحرم بعد إحرامه استعمال الطيب والعطر، ووضعهما على إزاره أو ردائه، كما يحرم على المرأة أن تضع بعد الإحرام عطرًا على لباسها؛ إذ إنّ وضع الطيب أو العطر على الجسد أو الثياب من محظورات الإحرام التي يحرم على المحرم فعلها إلّا بعد تحلّله من الإحرام، ودليل ذلك قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا وَرْسٌ، وَلَا الخُفَّيْنِ إِلَّا لِمَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، فإنْ لَمْ يَجِدْهُما فَلْيَقْطَعْهُما أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ)،[٢] والزعفران والورس نباتٌ ذات رائحةٍ، كانت توضع لتعطير البدن والثياب.[٣]


وضع العطر على ملابس الإحرام قبل الإحرام

تعدّدت أقوال الفقهاء في حكم وضع المحرم قبل إحرامه للطيب على ثياب الإحرام وتعطيرها، وفيما يأتي بيانٌ لأقوالهم:[٣]

  • قول الشافعية والحنابلة: ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى القول بجواز تعطير المحرم لثوبه قبل الإحرام، حتى وإن بقي أثر الرائحة فيه، وقاسوا ذلك على جواز تعطير المحرم لبدنه قبل الإحرام، إلّا أنّهم نبّهوا على أنّ المحرم بعد إحرامه إذا خلع ثوب الإحرام الذي عليه العطر أو سقط منه، فلا يجوز له إعادة ارتداء الثوب نفسه؛ لأنّه أصبح محرمًا، ويحرم عليه الطيب.
  • قول الحنفيّة والمالكية: ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى القول بحرمة وضع المحرم للطيب والعطر على ثياب الإحرام قبل إحرامه.


وضع العطر على البدن للمحرم

كم سبق الذكر فإنّ استعمال المحرم للعطر على بدنه أو ثوبه بعد الإحرام من محظورات الإحرام؛ فلا يحلّ للمحرم بعد إحرامه وضع الطيب أو العطر على بدنه أو ثوبه، أمّا وضع العطر على البدن قبل الإحرام؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشافعية والحنابلة، ومعهم جملةٌ من علماء السلف إلى القول بجواز أن يُطيّب ويعطّر المحرم جسده قبل الإحرام، واستدلوا بجملةٍ من الأدلة، منها ما روته أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- من قولها: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ)،[٤] ولا حرج إن بقي للطيب والعطر الذي وضعه المحرم قبل إحرامه على بدنه؛ لما روته عائشة -رضي الله عنها- كذلك من قولها: (كَأَنِّي أنْظُرُ إلى وبِيصِ الطِّيبِ، في مَفْرِقِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُحْرِمٌ)،[٥] ووبيص الطيب؛ أي أثر لمعانه، فكانت عائشة -رضي الله عنها- ترى أثر الطيب الذي وضعه النبي قبل إحرامه في جوانب رأسه -عليه الصلاة والسلام- بعد إحرامه.[٦]

المراجع

  1. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 48. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5806، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 161. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1539، حديث صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:271 ، حديث صحيح.
  6. "حكم الطيب قبل الإحرام"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 26/9/2022. بتصرّف.