أركان العمرة

ذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشافعيّة والحنابلة، إلى أنّ أركان العمرة ثلاثة؛ هي: الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، وزاد الشافعيّة ركناً رابعاً هو الحلق، بينما ذهب الحنفيّة إلى أنّ للعمرة ركناً واحداً؛ هو: الطواف،[١] وفيما يأتي بيان لأركان العمرة التي اتفق عليها جمهور الفقهاء.


الإحرام

يُقصد بالإحرام عند الجمهور نيّة الدخول في النُسك، بعد التّجرد من المخيط؛ بأن يقول المُحرم: "نويت الإحرام لله تعالى..."، وبهذا ينعقد النسك، وإنْ كان الأفضل أن يُعيّن النّسك لا سيما إنْ أحرم المسلم في أشهر الحجّ، ولا يصحّ للمُحرم أن يُغير نيته من حج إلى عمرة، أو من عمرة إلى حج.[٢]


ولكن يجوز للمُعتمر أن ينوي قِران عمرته مع حجّه؛ على أن ينوي ذلك قبل البدء بالطواف حول الكعبة، أمّا في حال خالفت النيّة ما تلفظ به المُحرم؛ فإنّ العبرة في النيّة والقصد؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّما الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ...).[٣][٢]


الطواف

ويُقصد بالطواف الدوران حول الكعبة المشرفة على هيئة وصفة مخصوصة سبعة أشواط؛ إذ يجب على المُحرم بالعمرة أن يطوف في بداية عمرته ودخوله إلى البيت الحرام، ويُسمى هذا الطواف طواف القدوم، أمّا من تمتع بالعمرة إلى الحجّ فعليه طوافان؛ واحد للعمرة، والثاني للحج يوم النحر، وقد شرع الله -تعالى- الطواف في كتابه العزيز؛ حين قال: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).[٤][٥]


وزيادة في الفائدة نذكر تفصيل العلماء في أنواع الطّواف على النحو الآتي:[٦]

  • طواف التحيّة؛ ويُقال له طواف الدخول، وهو من النوافل.
  • طواف الزيارة؛ ويُقال له طواف الواجب، وطواف الإفاضة، وهو فريضة.
  • طواف الوداع؛ ويُقال له طواف الصدر، وهو سنة.


وزاد آخرون، فقالوا في أنواع الطواف أيضاً:[٧]

  • طواف القدوم.
  • طواف العمرة.
  • طواف النذر.
  • طواف التطوّع.


السعي بين الصفا والمروة

قال -تعالى- في ذكر الصفا والمروة: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)؛[٨] وبهذه الآية الكريم استدلّ القائلون بركنيّة السعي بين الصفا والمروة، كما بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- صفة السعيّ، بأن يكون بعد الانتهاء من الطواف، والصلاة عند مقام إبراهيم -عليه السلام-.[٩]


وذلك بأن يتّجه المُحرم أولاً إلى الصفا، فيسعى فيها إلى أن يصل جبل الصفا، فيتوقف عنده ويستقبل القبلة، ويوحد الله -تعالى-، ثم ينزل من الصفا إلى المروة، فيسعى فيها؛ ويستحبّ للرّجل أن يرمل -يسعى سعياً شديداً دون أذية الناس- في أوّل الأشواط، ويُحرم ذلك على المرأة، ويبقى المحرم على هذه الصفة، حتى يُنهي سبعة أشواط.[٩]


حكم من ترك ركناً من أركان العمرة

فصّل أهل العلم في حكم ترك ركنٍ من أركان العمرة، بحسب المانع أو السبب الذي أدى إلى هذا الترك، ويمكن تلخيص ذلك على النحو الآتي:[١٠]

  • عدّ بعض الفقهاء أن ترك ركناً من أركان العمرة بمانع قاهر هو من باب الإحصار؛ الذي يُبيح التحلل من الإحرام، وقد يتفاوت اعتبار هذا الإحصار بحسب تفاوت آراء الفقهاء في اعتبار أركان العمرة، وفيما يُعتبر عندهم في أسباب الإحصار، وما يترتب عليه من أحكام.
  • من ترك ركناً من أركان العمرة بغير مانع قاهر؛ كالطواف والسعي بين الصفا والمروة، فإنّه بذلك قد فعل حراماً، ويجب عليه الإتيان بما ترك، ويظلّ مُحرماً يجب عليه الابتعاد عن المحظورات، حتى يأتي الأركان المتروكة، ولا تفوت عليه العمرة بذلك أبداً؛ إذ لا وقت محددٌ لأداء أركانها، وهذا الحكم عند الفقهاء القائلين بركنيّة الطواف والسعي.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 318، جزء 30. بتصرّف.
  2. ^ أ ب كوكب عبيد، فقه العبادات على المذهب المالكي، صفحة 339. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:6689، صحيح.
  4. سورة الحج، آية:29
  5. مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 214، جزء 50. بتصرّف.
  6. السغدي، النتف في الفتاوى للسغدي، صفحة 209-210، جزء 1. بتصرّف.
  7. أسامة سليمان، دروس الشيخ أسامة سليمان، صفحة 13، جزء 31. بتصرّف.
  8. سورة البقرة، آية:158
  9. ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 413-414. بتصرّف.
  10. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 327، جزء 30. بتصرّف.