سنن الحج ومستحباته
يُقصد بسنن الحج جميع الأقوال والأفعال التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحجّ فيما سوى الأركان والواجبات، كسنن الإحرام والطواف ونحوها، ومن ترك سنة من سنن الحجّ لا إثم عليه، ولا يلزمه جبر ذلك بفدية، ولكنّه ترك الأفضل والأكمل.[١]
وفي سياق ذكر فرضية الحجّ حثّ الله -سبحانه- على التزوّد والسّعي لتحقيق الحجّ المبرور: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ).[٢][١] ونعرض فيما يأتي السنن الواردة في أعمال الحجّ وأركانه على نحو الآتي:
سنن الإحرام
يُستحب عند الإقبال على عقد نيّة الإحرام لأداء النُسك القيام بالأعمال الآتية:[٣]
- الاغتسال والتنظّف لأداء النُسك، كما يُسن للحائض والنفساء الإتيان به، ويُستحب للحاج أن يغتسل في سبعة مواطن؛ للإحرام ودخول مكة، والوقوف بعرفة، وبمزدلفة، ولرمي الجمرات الثلاث؛ وذلك لأنّ الناس يجتمعون في هذه الأوقات، فيكون التنظّف والتزيّن أدعى إلى ذلك.
- التطيّب على البدن، وعلى الثوب قبل عقد نيّة الإحرام، والمرأة تتطيب بما لا يظهر رائحته.
- تقليم الأظافر، وقص الشارب، ونتف الإبطين، وحلق شعر العانة، قبل عقد نيّة الإحرام.
- إحرام الرجل بإزار ورداء أبيضين.
- الإحرام في نعلين للرجل.
- الإحرام بعد صلاة الفريضة.
- التحميد، والتسبيح، والتكبير عند الركوب وقبل التلبيّة.
- التلفظ بالتلبيّة، ونيّة الدخول في النُسك بعد الركوب.
- الإهلال بالتلبيّة مع استقبال القبلة.
- رفع الصوت بالتلبيّة.
سنن الطواف
تعددت أقوال الفقهاء بالمذاهب الأربعة في سنن الطواف ومستحباته، والتي يمكن بيانها على نحوٍ مجمل بما يأتي:[٤]
- استقبال البيت أول الطواف.
- استلام الركن اليماني باليد في الشوط الأول.
- الطواف من غير حذاء ما لم يتأذَ من ذلك.
- تضييق الخطوات، حتى تكثر الأجور والحسنات.
- مسح الحجر الأسود وتقبيله، مع استحباب وضع الجبهة عليه وتقبيله تقبيلاً خفيفاً، أو لمسه باليد، أو الإشارة إليه في حال التعذّر.
- استحباب الدعاء بالمأثور أثناء الطواف.
- أن يقول عند بدء كل شوط مع رفع اليدين كرفعهما بالصلاة: "بسم الله؛ والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم".
- الرّمل في الأشواط الثلاثة الأولى للرجال فقط؛ وهو المشي السريع دون الركض ولا وثب، مع هزّ الكتفين.
- الاضطباع للرجال؛ وهو أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن، وطرفيه على منكبه الأيسر.
- الاقتراب من الكعبة المشرفة أثناء الطواف عند عدم الزحام.
- الموالاة في الطواف؛ أيّ التتابع في أداء الأشواط من غير فاصل طويل، فإذا أُقيمت الصلاة يقطع طوافه، ثم يستكمل الأشواط المتبقية بعد الانتهاء من الصلاة، وإن كان الاستئناف من جديد أفضل، وأكمل عند الشافعيّة.
- صلاة ركعتي الطواف بعد الانتهاء منه مباشرة، خلف المقام أو بالحِجر، ويُستحب بعدهما استقبال الحجر الأسود.
- الإكثار من الدعاء بعد صلاة ركعتي الطواف خلف المقام.
- شرب زمزم قبل الانتقال إلى السعي؛ والدعاء بقول: "اللهم إني أسألك رزقاً واسعاً، وعلماً نافعاً، وشفاءً من كل داء".
- البدء بالسعيّ بين الصفا والمروة بعد الانتهاء من الطواف، إن كان عليه سعي.
سنن السعي
ويُقصد بالسعي: المشي بين الصفا والمروة ذهاباً وإياباً سبعة أشواط؛ بنيّة التعبّد، ويمكن ذكر سنن السعي بالآتي:[٥]
- الخبب؛ وهو المشي السريع بين الميلين الأخضرين الموضوعين على حافتي الوادي القديم؛ وهو سنّة للرجال دون النساء.
- الوقوف على جبلي الصفا والمروة، والدعاء فوقهما.
- الدعاء في أشواط السبعة.
- التكبير ثلاث مرات عند صعود الصفا والمروة، وقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله، وحده صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".
- الموالاة بين السعي وبين الطواف، بحيث لا يُفصل بين أدائهما.
سنن الخروج إلى منى
يُسن للحاجّ يوم الترويّة، في اليوم الثامن من ذي الحجّة؛ القيام ببعض الأعمال عند خروجه إلى منى؛ نذكر من هذه السنن:[٦]
- إحرام المفرد من أهل مكة المكرمة، أو المتمتع الذي كان قد تحلل من عمرته؛ من المنزل يوم الترويّة.
- الخروج إلى منى قبل الظهر.
- صلاة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وفجر التاسع بمنى.
- البقاء بمنى يوم التاسع حتى طلوع الشمس.
- الانتقال بين المواطن ركوباً لا مشيّاً.
- التلبيّة والتكبير أثناء الطريق من منى إلى عرفة.
سنن الوقوف بعرفة
للوقوف بعرفة سنن كثيرة، مأخوذة من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم، نذكر منها:[٧]
- الاغتسال للوقوف بعرفة.
- السير إلى عرفة بعد طلوع شمس اليوم التاسع، والنزول بنمرة إن أمكن.
- حضور الخطبة يوم عرفة، والاستماع إلى الأمور التي يُبيّنها الإمام للناس في هذا اليوم.
- جمع صلاة الظهر مع العصر جمع تقديم مع القصر.
- التوجه إلى جبل عرفات بعد الصلاة.
- الإفطار في هذا اليوم؛ للاستعانة على العبادة والدعاء في هذا اليوم.
- التطهر من الحدث والخبث؛ فهو الأكمل للعبادة.
- استقبال القبلة.
- استحضار القلب أثناء العبادة والدعاء.
- الوقوف عند الصخرات؛ حيث وقف النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- البروز للشمس إن لم يكن فيه ضرر.
- الإكثار من التلبيّة والدعاء، والاستغفار وقراءة القرآن.
- الدفع من عرفة بعد غروب الشمس بسكينة ووقار، دون مدافعة أو مزاحمة.
سنن المبيت بمزدلفة
إذا وصل الحاجّ مزدلفة بعد يومه الطويل في عرفة، يُسنّ له القيام بالآتي:[٨]
- صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير، والأذان لهما بأذان واحد وإقامتين.
- ترك أداء النافلة بين الصلاتين.
- النوم حتى طلوع الفجر دون إحياء الليلة بالقيام والصلاة.
- صلاة الفجر في أول وقتها.
- الوقوف على المشعر الحرام من مزدلفة، مع استقبال القبلة بالدعاء والحمد والتكبير والتهليل، إلى طلوع الشمس.
- الدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس بسكينة ووقار.
- الإسراع قليلاً في بطن مُحَسِّر؛ إلا أن يكون راكباً في سيارة أو حافلة لا يقودها.
- الذهاب إلى مكان الجمرة من طريق آخر غير الذي ذهب منها إلى عرفة.
سنن الرمي
يصل الحاجّ إلى مكان الجمرة ملبيّاً ذاكراً؛ فإذا بدأ بالرمي قطع التلبيّة، واستحب له القيام بما يأتي:[٩]
- أن يكون الرمي بعد طلوع شمس يوم النحر، جمرة العقبة الكبرى.
- استقبال مكان الجمرة، وجعل مكة عن يساره، ومنى عن يمينه.
- أن يقول مع كل حصاة: "الله أكبر -ثلاثاً-، لا إله إلا الله والله أكبر، ولله الحمد".
- الرمي باليد اليمنى مع الرفع، حتى يُرى بياض الإبطين؛ وذلك في حقّ الرجال.
- أن تكون الحصى مقدار الأُنملة.
- الترتيب يوم النحر بين الأعمال؛ بأن يبدأ الحاج برمي الجمرة، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق أو التقصير، ثم طواف الإفاضة.
سنن التحلل بالحلق
أمّا بالنسبة لسنن الحلق، فقد تعدّدت آراء الفقهاء فيها؛ ويمكن إجمالها بالآتي:[١٠]
- إمرار الموس أو شفرة الحلاقة على جلدة الرأس للأقرع؛ تشبهاً بفعل الحالقين.
- التيامن بأن يكون الحلق باليد اليمنى، وأن يبدأ بالشق الأيمن من الرأس، ثم ينتقل للشق الأيسر
المراجع
- ^ أ ب محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 239، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:197
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 320-323. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، صفحة 592، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ صالح السدلان، رسالة في الفقه الميسر، صفحة 86-87. بتصرّف.
- ↑ كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 240-241، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 65-66، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ كمال ابن السيد سالم، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، صفحة 247-248، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 2168-2169، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 291-292، جزء 2. بتصرّف.